كييف تطلب قمة أوكرانية في روما بالتزامن مع جنازة البابا فرنسيس الجيش المصري: "هنصونها بحياتنا" في ذكرى تحرير سيناء بعد 9 أعوام على إطلاقها.. السعودية تستعرض مكتسبات "رؤية 2030" وتستعد للمرحلة المقبلة ترامب: لا أسعى لتوسيع صلاحياتي الرئاسية بل أستخدمها كما هي منصوص عليها في الدستور صفقات بمليارات الدولارات بين السعودية وجنوب أفريقيا تعزز التوجه الخليجي نحو القارة السمراء مسقط تفتتح الدورة الـ29 لمعرضها الدولي للكتاب بمشاركة 674 دار نشر من 35 دولة ترامب: مفاوضو الأزمة الأوكرانية "قريبون جداً" من التوصل إلى اتفاق تقارير: الصين تلغي الرسوم الجمركية على بعض أشباه الموصلات الأمريكية دراسة إيطالية مثيرة للجدل تربط الإفراط في الدجاج بزيادة خطر الوفاة المبكرة وسرطانات الجهاز الهضمي ترامب: أول 100 يوم من ولايتي الثانية كانت ناجحة جداً رغم تراجع شعبيتي تقارير: 52 وفاة بسبب الجوع في غزة بينهم 50 طفلاً و60 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد سوريا ترفع علمها الجديد أمام الأمم المتحدة وتطالب برفع العقوبات استسلام مجموعة من قوات الدعم السريع للجيش السوداني في كردفان البرازيل: المحكمة العليا تحكم بسجن الرئيس الأسبق كولور دي ميلو بتهمة الفساد هدوء حذر يسود الفاشر بعد اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع

القسم : مقالات مختاره
الهجرة صرخة الإنسانية المدويّة
نشر بتاريخ : 9/21/2017 12:20:30 PM
د. رحيل محمد غرايبة
د. رحيل محمد غرايبة

جاء محمد عليه السلام إلى جزيرة العرب وهم غارقون في اعتقادات خرافية وديانات وثنية، وتخلف وأمية وطبقية فاحشة، وتبعية لقطبي الرحى الفرس والروم، ويشكلون وقود الحرب للقوتين العظميين، رغم ما يتمتعون به من كرم وذكاء ومروءة وصفاء ذهن، فجاءت رسالة الإسلام لتجعل منهم أمة موحدة قوية، ترتفع إلى سلم القيادة لتحول مسار الإنسانية نحو طريق التحضر والمدنية، وكانت الصرخة المدوية التي دشنت الخطوة العملية الأولى تنطلق من تلك الجبال السوداء الجرداء القاحلة ومن يثرب المدينة إلى كل العالم..

الايمان بالله يشكل المنطلق الأكثر أهمية والمرتكز الأعظم لهذا المشروع الكوني الكبير، حتى يكون الايمان بالله رمزاً لتحرير الانسان من استعباد الإنسان وظلمه وقهره، وقاعدة للمساواة العامة في أصل الخلقة وكرامة الآدمي الواحدة، ونادي في الناس عامة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى? وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ? إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).

وكان النداء الثاني لهم يجعلهم صعيداً واحداً في الكرامة (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) وحرّم الاستعلاء والتفاخر بالآباء بقول سيدنا محمد: «أيها الناس كلكم لآدم وآدم من تراب، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض ...» من أجل تحريم التمييز العنصري والتعصب الجاهلي بكل أشكاله وألوانه.

أما الصرخة الثالثة فكانت تقرر الحرية التامة لبني البشر، فجاءت الآية لتقرر القاعدة الكبيرة القاطعة (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ  قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ..)، (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ  فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ..) لنكون أحراراً في الاعتقادات والأديان والأفكار والإرادة المطلقة.

النداء الرابع كان يحض العقلاء والناس جميعاً إلى طلب العلم، والبحث عن المعرفة والحكمة، والانطلاق في الكون للنظر والتفكر والتدبر والاستكشاف من أجل الحصول على سر التقدم والازدهار والامساك بأوراق القوة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ )، (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا)، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)، (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا).

النداء الخامس لكل شعوب العالم ولجميع أمم الأرض من أجل التعارف والتعاون، وتبادل العلم والمعرفة، من أجل نشر رسالة الخير والبر والتسامح بين الناس، ليكونوا قادرين على حماية الحياة وحراسة مرافق الكون والحفاظ على سلامة السفينة التي تقلّهم جميعاً، فمهما تعددت أديانهم وأفكارهم وألوانهم ولغاتهم .. (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).

النداء السادس كان من أجل ارساء العدل الذي قامت عليه السموات والأرض، ومحاربة الظلم ونفي الفساد ومقاومة العدوان والأخذ الجماعي على يد الظالم.. (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ  يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَلَا تَعْتَدُوا  إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا  اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).

النداء السابع كان للتحلي بالفضائل والأخلاق الحسنة والترقي في درجات السلم الحضاري في السلوك والعمل والقول، والحض على النظافة والتطهر والتزين والوفاء بالعهد والالتزام بالوعد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ)، (وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا)، (وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ)، (لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ)، (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا  أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)، (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ  إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ).

الصرخة الثامنة لحض الإنسان على المحافظة على عالم الحيوان وعالم النبات، وعالم المياه، وعالم الغازات، والاقتصاد في موارد الكون وحفظ حقوق الأجيال القادمة، وبين الرسول الكريم أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها .. وأن رجلاً دخل الجنة بكلب أسقاه من شدة العطش..، وقال لهم لا تقطعوا شجرة، ولا تقتلوا حيواناً إلا لمأكلة.

النداء التاسع كان من أجل وضع قواعد ميثاق كبير للإنسانية في حالة الحرب والمواجهة بعدم قتل الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين والعمال والفلاحين والمزارعين، وعدم التعرض لرجال الدين، وعدم هدم البيوت ولا تخريب العامر ولا التعرض للمعابد، ولا الحرق ولا التدمير، ونهى عن العبث والتوحش.

هذه معالم صرخة الهجرة المدوية من بطن صحراء العرب إلى كل البشر وإلى كل شعوب العالم، فهي محل اجماع وتوافق العقلاء وهي محل فخر واعتزاز لكل عربي ولكل مسلم، والعجب أشد العجب ممن يتنكر لحضارته وتراثه وثقافته وهويته تحت باب البحث والتنقيب عن الأخطاء وتصرفات من لم يفهم الدين، ومن أساء التطبيق، وفي الوقت نفسه تجد الشعوب والأمم الأخرى تبحث عن هويتها الثقافية وتعتز بانجازها الحضاري حتى لو كانوا يعبدون البقر أو بوذا أو القيم المادية المختلفة.

عن الدستور

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023