ماهر ابو طير
اسقاط الطيران الاميركي لطائرة عسكرية سورية، ثم تهديد الروس، باعتبار اي طائرات عسكرية تطير في مناطق غرب الفرات، هدفا للروس، تعبير عن ازمة طارئة في العلاقات بين الاميركان والروس.
هي بالطبع تضاف الى سلسلة من الازمات المتتالية بين البلدين، والتي لم تصل حد المواجهة الكبرى، فالمواجهة هنا، مؤجلة، لاعتبارات كثيرة، تخص اميركا وروسيا.
سوريا التي يتم تقاسمها جوا، بين المعسكرين السوري الروسي، من جهة، والاميركي وحلفائه، من جهة اخرى، يتم تقاسمها بريا ايضا، اذ إن الطائرة السورية القت بقنابلها قرب قوات كردية ترعاها وتدعمها واشنطن، لمحاربة داعش، الامر الذي فهمه الاميركان موجها لهم، فردوا باسقاط الطائرة الروسية.
هذه هي الحادثة، لكنها تعبر فعليا، عن الازمة بين الاميركان والروس في سوريا، اذ ان الملفات التي يتم الاختلاف عليها كثيرا، متعددة، من الموقف من بشار الاسد، وصولا الى دور الاكراد، مرورا بتصنيفات الجماعات المتطرفة.
الارجح هنا، ان الاميركان لايريدون مواجهة عسكرية مع الروس، وموسكو تدرك ذلك، لاعتبارات مختلفة، ان مواجهة مفتوحة يعني حربا كبرى، اضافة الى ان لانية لدى الاميركان والروس، للاقتتال معا، مادام الضحايا، ليسوا روسا ولا من الاميركان، اذ في هذه الحادثة، فان الضحايا، اما اكراد، او سوريون.
انسحاب الاستراليين من المعسكر الاميركي، بعد التهديدات الروسية، يعبر عن قلق استرالي، خشية حدوث مواجهة، لكنه على الاغلب يؤشر على رغبة الاستراليين الخروج من كل هذا الحلف، لاعتبارات اخرى، وحادثة الطائرة الروسية مجرد مخرج نجاة، يتيح للاستراليين تبرير خروجهم.
كل الخطوط الامنة بين الروس والاميركان، تعمل في ظروف مختلفة، ويتم قطعها في ظروف اخرى، لكن المؤكد هنا، ان حادثة الطائرة السورية، ستدفع الطرفان للتنسيق مجددا، في سوريا، خشية حدوث خطا يرتد بكليته على التواجد الاميركي والروسي في سوريا، والذي يتجنبه الروس والاميركان معا.
المفارقة هنا انهم يقتتلون على سوريا، ومن يوجد في سوريا، لكن كلفة الاقتتال لايدفعونها، وانما تتنزل على السوريين مجددا، ومادامت الكلفة على السوريين فقط، فان احتمال المواجهة المباشرة، تبدو صفرا حتى الان.
يختلف الاميركان والروس على كل شيء في سوريا، لكنهما يتفقان، على ان لا احد في سوريا، يستحق ان يموت من اجله اميركي واحد، أو روسي واحد ايضا.
هذه هي الخلاصة حتى الآن.
عن الدستور