بقلم: فارس متروك
شديفات
تعتبر الثقافة مرآة تعكس حضارة المجتمع وتاريخه، وهي عنصر أساسي في
تشكيل الوعي الجمعي والهوية الوطنية وتعزيز التنمية المستدامة.
في بلدنا الأردن، يزخر
المشهد الثقافي بتنوع وغنى يعكس تاريخ البلاد وتراثها وتنوع مكوناتها ونسيجها
الاجتماعي، إلا أن تطوير هذا القطاع وتعزيز مساهمته في التنمية يتطلب وجود حوكمة
فعالة لقطاع الثقافة.
فحوكمة
الثقافة هي مجموعة من العمليات والهياكل التي تضمن إدارة وتنظيم القطاع الثقافي
بشكل فعال ومستدام، وتعتمد حوكمة الثقافة على عدد من العناصر والأسس التي تضمن
الشفافية، والمشاركة، والاستدامة في إدارة السياسات الثقافية.
ولحوكمة
الثقافة في الأردن لا بد من توافر عناصر أهمها: -
1.
الإطار القانوني والتشريعي: مما
يعني أن
يكون هناك قوانين وسياسات واضحة لكل الأطراف وأصحاب المصلحة، تنظم
القطاع الثقافي وتحمي حقوق الملكية الفكرية وحرية التعبير والابداع.
وايضاً
وجوب تنظيم العلاقة بين المؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة والمجتمع المدني لضمان التعاون
والتكامل.
2.
تطوير عمل وقدرات مؤسسات
ثقافية وإدارية كهياكل فعالة قادرة على تنفيذ السياسات الثقافية بكفاءة، من
خلال الاطلاع على التجارب، والتدريب والتأهيل المستمر للقائمين والفاعلين في إدارة
وتنمية القطاع الثقافي، ومن جهة أخرى تفعيل دور المجالس الثقافية واللجان
الاستشارية لإشراك المجتمع في التخطيط وصنع القرار الثقافي.
3.
التمويل والاستدامة المالية:
وهنا يجب توفير ميزانيات مستقرة للقطاع الثقافي لضمان استمرارية الأنشطة الثقافية،
وتشجيع الاستثمار في صناعات الثقافة من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
4.
المشاركة المجتمعية والتشاور
والتشبيك: بإشراك
المجتمع المحلي ومؤسساته المعنية والفنانين والمبدعين في التخطيط وصنع واتخاذ القرار
الثقافي لضمان تلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم، واستجابة لحقوقهم كمواطنين، وكذلك دعم المبادرات التشاركية كالفعاليات والمبادرات الثقافية
التشاركية التي تعزز الحوار والتفاعل والتشبيك بين مقدمي الخدمات الفنية الإبداعية
التوعوية والجمهور.
5.
الشفافية والمساءلة: بوضع
آليات واضحة لمراقبة جودة الأداء والانفاق الثقافي العام، بناء على مؤشرات قياس
ومعايير محددة، وضمان مساءلة الجهات المسؤولة عن تنفيذ السياسات الثقافية والبرامج
التنفيذية والخطط الاستراتيجية، بالإضافة الى ضرورة اطلاع المواطنين باعداد ونشر
التقارير المالية والإدارية الكمية والنوعية الخاصة بوزارة الثقافة والمؤسسات
الثقافية المتعددة لتعزيز الشفافية.
6.
التخطيط الاستراتيجي والتقييم:
بوضع خطط
طويلة الأمد لتطوير القطاع الثقافي وتحديد مؤشرات أداء قابلة للقياس، بالتعاون مع
كل الأطراف أصحاب المصلحة، وضرورة مراجعة وتقييم إثر السياسات الثقافية بانتظام
لضمان فعاليتها وتحقيق الأهداف المرجوة.
وإذا
ما أردنا ان نلقي الضوء على منطلقات واسس حوكمة الثقافة في الأردن فمن
الضروري ان العمل بمفهوم الاستدامة بضمان استمرارية الأنشطة الثقافية
للأجيال القادمة، ودمج الثقافة في خطط التنمية المستدامة، وخطط التحديث والتطوير
السياسي والاقتصادي واجتماعي التي اعتمدتها الدولة الأردنية.
كذلك
احترام التنوع الثقافي واللغوي في المجتمع ودعم الفنون والثقافات المحلية وتوفير
حواضن ثقافية فاعلة، وتبني سياسات مرنة تستجيب للتغيرات المجتمعية والتكنولوجية،
ودعم الابتكار والريادة في الفنون والابداع والصناعات الثقافية، وتبني ممارسات التكامل بين القطاعات بدمج الثقافة مع قطاعات التعليم، والشباب،
والسياحة، والاقتصاد، والتكنولوجيا لتحقيق أهداف مشتركة.
وبالإضافة
الى ما سبق من منطلقات واسس حوكمة لقطاع الثقافة في الأردن، فمن الأهمية
لتعزيز العدالة والإنصاف والمبادئ الأساسية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية، ضمان وصول الجميع إلى الخدمات والأنشطة الثقافية دون تمييز ودعم
الفئات المهمشة، والاستفادة من عوائد التنمية الشاملة.
بالتأكيد ان تطوير حوكمة فعالة للثقافة في الأردن يتطلب تضافر جهود
جميع الجهات المعنية، من حكومة ومؤسسات ثقافية ومجتمع مدني وفنانين ومبدعين
وخبراء، من خلال تطبيق هذه العناصر والأسس، فيمكن لبلدنا أن تعزز قطاعها الثقافي
وتجعله أكثر ازدهارًا واستدامة، مما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة
للبلاد.
* المدير التنفيذي لمؤسسة المنشية
للتدريب والتنمية والمشاركة المجتمعية