بقلم: مهنا نافع
لم يحظ أي رئيس منتخب بذلك الاهتمام
الدولي كالذي حظي به الرئيس القادم للولايات المتحدة دونالد ترامب والذي سيصبح
رئيسا لها بالعشرين من شهر كانون ثاني من عام ٢٠٢٥، وكمْ كان مستغربا لدى البعض
هذا الاهتمام غير المسبوق سواء على الصعيدين المحلي والدولي بمجريات الانتخابات
الأمريكية، والذي يثبت أن هيمنة القطب الواحد ما تزال بأوج ذرواتها الثلاث
العسكرية والسياسية والاقتصادية، ومن المتوقع استمرار هذه الهيمنة لمدى قد لا
يتجاوز عن الأربع سنوات القادمة التي قد تكون كفيلة بولادة قوة قطبية منافسة لها.
وكمْ كثرت الكتابات التي أغرقتنا بالشرح
والتحليل عن شخصية هذا القادم رغم التناقض الذي سأسترسل بتبيانه تباعا بالعديد
منها، وخاصة أنها تتعلق بشخص لا يمكن توقع العديد من توجهاته وقراراته، فهل يمكن
لشخص ذاق الأمرين من الملاحقات القضائية التي نالت ما نالت منه من إزعاج وقلق وألم
أن يغفر كل ذلك بسهولة.
الكثير من الوعود يتم الإدلاء بها إبان الحملات
الانتخابية ولكن البعض المكرر منها يبقى حاضرا بذاكرة الناخب والمتابع والتي منها
إصراره على إنهاء الحرب بأوكرانيا وعودة علاقات طبيعية مع الدولة الروسية، والذي
أن تم يعني عودة أوكرانيا (سلة الغذاء الدولية) إلى سابق عهدها وعودة خطوط الإمداد
لمسارها الآمن، مما قد يخفف من وطأة غلاء أسعار الحبوب، وبالمقابل عودة خطوط الغاز
الروسية سواء المعطل منها نورد ستريم ٢ أو الحالي العامل إلى الذروة بتزويده
الغاز، وهذا لن يكون من صالح شركات الغاز المسال الأمريكية التي تزود القارة
الأوروبية، وهنا نضع أيدينا على أول التناقضات، وخاصة بعد ما تم تقديمه من دعم
هائل لأوكرانيا والذي سيزيد من صعوبة أي قرار يتعلق بهذه الحرب الضروس.
ومن الوعود أيضا التي كررت للناخب الأمريكي هو
الارتقاء بمستوى الرعاية الصحية إلى أعلى مستوى ودون العمل على فرض المزيد من
الضرائب، والذي يبدو أيضا متناقضا ولا يمكن تحقيقه إلا من خلال الخفض الدراماتيكي
للمساعدات والتقليل من كل النفقات الخارجية التي تنهك الميزانية الأمريكية، وهذا ما
سيكون له العديد من التداعيات والتغيرات الدولية بسبب تراجع النفوذ الحالي
للولايات المتحدة.
أما الذي يتوقع وبشدة وهو عودة ارتفاع
الرسوم الجمركية على البضائع الصينية، وربما منع العديد من أصنافها من اقتحام
الأسواق الأمريكية، مما سيعمل على عدم رضى حكومة الظل العميقة وقد يصل الأمر
للتصادم معها فالعديد من الشركات ستمنى بخسائر كبيرة مما سيقلل من الواردات
الضريبية للخزينة، وهذا أيضا ما يوقع العديد من المحللين بحيرة عن قدرته لتنفيذ
ذلك، أما على الصعيد الدولي فيتوقع أن تنخفض أسعار البضائع الصينية ويكون لها حضور
أكثر بكل الأسواق.
وأخيرا عزيزي القارئ كل ما ورد من
توقعات يشوبها العديد من التناقضات لا مناص من وقع أثر ما منها على العديد من
الدول والتي بدأت بالانضمام لتحالفات ولكيانات مختلفة، وأما الأكثر أهمية بالنسبة
لنا ما كان يتداول عن صفقة القرن والتي كانت من أحد مشاريعه مدة رئاسته السابقة
وبقيت طي الكتمان مع القليل عنها من التسريبات، ونعلم أنه لم يتحقق أي شيء منها،
والآن التناقض بعودة حضورها كمشروع سيكون عن كيفية السير بها مع التوازي مع السير
بالتطبيع مع بقية الدول العربية التي ايضا صرح به، مع العلم أن الوضع والظرف العام
للعديد من دول الشرق الأوسط الآن يختلف كليا عما كان عليه قبل أكثر من أربع سنوات
مدة رئاسته السابقة.