د. رحيل محمد غرايبة
كتب الصحفي «طارق الدعجة» تقريراً اقتصادياً مهماً تصدر الصفحة الأولى في صحيفة الغد الاقتصادي الأردنية الصادرة يوم الأحد 16/4/2017، يتحدث فيه عن آثار الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي التي دخلت حيز التنفيذ في تموز الماضي، وبعد مرور ثمانية أشهر : لا تصدير ولا استثمارات جديدة بموجب الاتفاقية، نقلاً عن أمين عام وزارة الصناعة والتجارة، ويعود ذلك لعدة أسباب بحسب الأمين العام؛ أهمها المواصفات الأوروبية التي يجب توافرها في المنتج الأردني، بالإضافة إلى أن المنتج الأردني غير معروف في السوق الأوروبية.
المشكلة البارزة أمام الأردنيين بوضوح أن الاتحاد الأوروبي لجأ إلى عقد هذه الاتفاقية مع الأردن من أجل توظيف العمالة السورية، حيث يشترط في تبسيط قواعد المنشأ بين الأردن والاتحاد الأوروبي توظيف 15% من العمالة السورية في أول عامين، ثم ترتفع إلى 25% في العام الثالث، بمعنى أن كل هذا الجهد يتم بذله من أجل تخفيف الهجرة السورية إلى بلدان الاتحاد الأوروبي عن طريق توظيفهم وإيجاد فرص العمل لهم في الأردن، لكن كل الجهود الحكومية فشلت في استقطاب أي استثمار للسوق الأردني، ولم يتم تصدير أي منتج أردني إلى السوق الأوروبي حتى هذه اللحظة كما يقول المسؤول الأردني بالحرف الواحد.
الإحصائية عن حجم الصادرات الأردنية إلى السوق الأوروبي تخبرنا بأنها بلغت (144) مليون دينار عام (2002) وفي عام (2016) بلغت (106,7) مليون دينار، بمعنى أنها في تناقص وانحدار شديد وليس في تزايد، وفي المقابل فإن الواردات الأردنية من الاتحاد الأوروبي عام (2002) كانت مليار دينار، وأصبحت عام (2016) (3,25) مليار دينار، مما يؤشر بوضوح إلى فشل مركب في هذا السياق له عواقب وخيمة.
الأرقام الرسمية المعلنة في الصحف وعلى ألسنة المسؤولين تشير إلى وجه قاتم وخطير للمعضلة الاقتصادية، في ظل الرقم الكبير الذي ورد على لسان رئيس الحكومة بأن عدد اللاجئين المسجلين في الأردن بلغ (2,8) مليون لاجىء، إذ إن الأردن أكثر دولة مستضيفة للاجئين في العالم من حيث القيم المطلقة والنسبية.
ولسنا بحاجة إلى الحديث عن شح الموارد والمديونية الضخمة، وتباطؤ أرقام النمو، وعدم توافر مياه الشرب للسكان ونقص حاد في الخدمات الضرورية وأمور أخرى لا بتسع المقام لذكرها، ويقول بعض المسؤولين أن التعهدات التي تم الالتزام بها في مؤتمر لندن، لم يصل منها ما يعادل 36% خلال المدة التي أعقبت المؤتمر، وما زالت الأزمة تتفاقم وتزداد تعقيداً.
الجانب غير المحكي في هذه الأزمة المعقدة أن الأردن غرق في محاولة بذل الجهود لحل مشكلة اللاجئين التي أصبحت فوق قدرة الأردن على الاستيعاب، وفوق قدرة الحكومة على الإدارة والتدبير في ظل شح الامكانات وضعف القدرات، المصحوبة بالآمال العريضة التي يتم إطلاقها بين الفينة والأخرى حول المساعدات الخارجية المتوقعة، والسؤال الأكثر أهمية هل بقي من دور أو جهد يمكن أن تبذله الحكومة فيما يتعلق بحل مشكلة الأردنيين أنفسهم، وهل هناك خطة واضحة لتشغيل العاطلين عن العمل من الأردنيين أولاً، والذين لا يجدون فرص العمل خاصة من خريجي الجامعات الأردنية الذين يزيد عددهم عن (100) ألف خريج سنوياً، في حين أن كل الوظائف الحكومية مغلقة، ولا فرص جديدة ولا استثمارات جديدة في سوق متخم ويعاني من الركود والحصار.
عن الدستور