بقلم: حمادة فراعنة
معركة غزة لم تنتهِ بعد، طالما أن
الحرب الهمجية العدوانية، غير المسبوقة بهذا العنف والشراسة الاسرائيلية، لم
تتوقف، وقوات الاحتلال لم تنسحب، والقصف والقتل المتعمد ما زال متواصلا.
المستعمرة الاسرائيلية لم تنتصر،
والمقاومة الفلسطينية لم تُهزم، والاشتباكات غير المتكافئة مازالت مشتعلة، بين
الطرفين، المقاومة صامدة وتُقاتل باتجاهين: 1 - قصف لمناطق إسرائيلية في مناطق 48،
بصواريخ لها تأثير معنوي، مهما بدت افعالها الميدانية متواضعة، مقابل القصف
الاسرائيلي المدمر القاتل، وضربات المقاومة الفردية في قنص ضباط وجنود الاحتلال
مؤثرة، حيث يسقط القتلى منهم حسب اعتراف وإعلان جيش الاحتلال.
حصيلة معركة 7 اكتوبر، وفق تصريحات
مسؤولين اميركيين «أن الاسرائيليين لم يتمكنوا من تحقيق ما هو مأمول ضد حماس»، و
انعكاس ذلك سياسيا، ما قاله الرئيس الأميركي بايدن : «إننا نعمل من أجل السلام بين
الإسرائيليين والفلسطينيين، على أساس دولتين للشعبين، يعيشان جنبا إلى جنب» .
تصريحات الرئيس بايدن بهذا الوضوح
والحماسة ليست بسيطة أو متواضعة، أو لا قيمة لها، بل هي هامة، اضافتها معركة 7
اکتوبر، وتداعياتها ذات أثر استراتيجي، فرضتها عدة عوامل :
أولا فشل المستعمرة الإسرائيلية في
تحقيق وتنفيذ برنامجها العسكري في قطاع غزة، سواء باتجاه اطلاق سراح الاسرى
الاسرائيليين، أو اغتيال قيادات فصائل المقاومة والعمل على اجتثاثها وتصفية دورها
ونفوذها في قطاع غزة، و تشريد الفلسطينيين من قطاع غزة، ودفعهم نحو الرحيل إلى
سيناء مصر .
المستعمرة اخفقت بهذه العناوين جميعها،
بما فيها فرض وتنصيب إدارة فلسطينية ليست من حماس أو من فتح.
ثانيا المظاهرات الاحتجاجية التي
اجتاحت العواصم الأوروبية، ومدن الولايات الاميركية، رفضاً للجرائم التي قارفتها
قوات المستعمرة الاسرائيلية، بقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، وتدمير
عشرات الالاف من البيوت ومساكن اهالي القطاع، مما سبب الحرج والاستفزاز للشعوب
الأوروبية بشكل خاص، واندفاع تعاطفهم نحو الفلسطينيين، وانكفائهم عن التعاطف مع
الإسرائيليين.
ثالثاً الصمود الفلسطيني في قطاع غزة،
شعبياً ومقاومة، رغم الوجع والألم والموت والخسائر الفادحة للمدنيين، وجعل قطاع
غزة غير مؤهل للحياة الطبيعية من فظاعة الاستهداف الإسرائيلي.
رابعا الانتخابات الرئاسية الاميركية
المقبلة في شهر تشرين الثاني نوفمبر 2024، وتصريحات قادة الجاليات الفلسطينية
والعربية والافريقية والاميركية اللاتينية، عن نية عدم انتخاب الرئيس بايدن على
خلفية دعمه للمستعمرة الإسرائيلية في حربها المجنونة غير المتكافئة ضد
الفلسطينيين.
لقد أبلغ جوني ضبيط رئيس مجلس الجالية
الفلسطينية المنتخب، رغم انه من الحزب الديمقراطي، ابلغ قيادة الحزب أن
الفلسطينيين اقترحوا على أصدقائهم وشركائهم وحلفائهم من الجاليات العربية
والإسلامية والإفريقية، وضع ورقة بيضاء في صناديق الاقتراع الرئاسية، مما خلق حالة
من الانزعاج والقلق لدى الرئيس بايدن، ولدى قادة الحزب الديمقراطي حول خطورة هذا
الموقف الذي سيؤدي حتما إلى عدم نجاح مرشح الحزب الديمقراطي، وحتما سيكون لصالح
مرشح الحزب الجمهوري.
الرئيس الأمريكي عبر عما يراه توازنا،
بتصريحه حول حل الدولتين، و قراره اتخاذ اجراءات عقابية بحق المستوطنين المستعمرين
الاجانب في الضفة الفلسطينية، الذين يعتدون على الفلسطينيين باشكال عنفية متعددة .
تصريحات بايدن من موقع الانحياز المسبق
للمستعمرة الاسرائيلية، هامة وضرورية، لأنها تحمل معايير التراجع النسبي نحو مواقف
أو اجراءات باتجاه التوازن المفقود بين طرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
لازالت وقائع التاريخ تؤكد الخلاصة وهي
: لا يستطيع شعب الحصول على حريته واستقلاله، واستعادة كرامته و حقوقه، بدون
تضحيات ومبادرات كفاحية، والشعب الفلسطيني يدفع ولازال، وسيدفع أثماناً باهظة من
أجل فلسطين حرة مستقلة خالية من الاحتلال والاستعمار والظلم والعنصرية والصهيونية
.
عن الدستور