د. رحيل محمد غرايبة
في بادرة حزبية أردنية إيجابية وفي سياق التفاعل الشعبي والحزبي مع القمة العربية، سلم حزب المؤتمر الوطني «زمزم» مذكرة سياسية إلى رئاسة قمة الزعماء العرب عن طريق الحكومة الأردنية، وقد حوت المذكرة ترحيباً شعبياً وحزبياً بضيوف الأردن الكبار وتمنت لهم طيب الإقامة في بلدهم الأردن، وأعربت عن الأمال الكبيرة التي تداعب الجماهير العربية في تغيير أوضاعها إلى الأفضل، وتتمنى على الملوك والزعماء العرب اتخاذ قرارات كبيرة تخص الأوضاع العربية الصعبة وما تتعرض له بعض الأقطار من حروب داخلية واقتتال طائفي وفوضى عارمة، تحتاج إلى جرأة وشجاعة عالية من أجل تجاوز الأخطار المحدقة بنا من كل الجهات وعلى جميع الأصعدة والمستويات.
المذكرة الحزبية ترى أن الحرية والديمقراطية والعدالة تمثل المدخل الرئيس والبوابة الحقيقية نحو الإصلاح العربي الشامل، من خلال العمل على تحقيق المشاركة الشعبية الواسعة في عملية النهوض والاقلاع الحضاري، ولا بد من الشروع في تأسيس حياة سياسية سليمة قائمة على بناء أحزاب برامجية قادرة على تداول السلطة بطريقة سلمية تخلو من العنف والتطرف.
وذهبت المذكرة إلى التأكيد على أن العالم العربي يزخر بالثروات الكبيرة والمقدرات الهائلة والكفاءات العلمية المتخصصة التي تجعله أهلاً للتقدم والارتقاء؛ فيما لو تم إحسان الاستغلال والاستثمار فيها، عبر السير في مشاريع التكامل الاقتصادي العربي وفتح الحدود أمام انسياب السلع والمنتوجات العربية والأيدي العاملة وتشجيع التبادل العلمي والفكري بين الجامعات والمعاهد العلمية، من أجل المسارعة في تحقيق التنمية البشرية وبناء التنمية المستدامة.
طلبت المذكرة من الزعماء العرب العمل على إنجاح المصالحات العربية على صعيد الأقطار العربية التي تخوض الاقتتال الداخلي ضمن رؤية عربية شاملة ترتكز على وحدة أراضيها وشعبها وتحول دون التدخلات الإقليمية والدولية في شؤونها الداخلية.
ركزت المذكرة بشكل صريح على أن الاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين والعدوان الصهيوني المستمر على الشعب الفلسطيني من خلال مشاريع التهويد والاستيطان المخالف لكل أعراف الأرض والسماء، يشكل أساس البلاء وجوهر الداء فيما تتعرض له المنطقة والإقليم من حروب وأزمات متلاحقة ومتوالية، مما يقتضي اتخاذ موقف عربي صارم وموّحد نحو ضرورة إزالة الاحتلال وإعادة الحقوق لأصحابها بشكل عادل.
وختمت المذكرة بتذكير الزعماء العرب بضرورة إنجاز مشروع سياسي عربي موّحد، يقوم على رؤية مشتركة ورسالة عربية محددة، تجاه حماية المصالح العربية ووحدة الأقطار العربية في مواجهة المشاريع الإقليمية الوافدة، التي قسمت العرب إلى محاور وطوائف متناحرة، حيث أثبتت الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالعالم العربي عدم قدرة أي بلد عربي على مواجهة التحديات بشكل منفرد، مما يقتضي الشروع الفوري في إنجاز ملامح مشروع التكامل العربي سياسياً واقتصادياً وامنياً.
بقي القول أن الإرهاب والتطرف الذي يضرب عميقاً في الفكر الشبابي يحتم الذهاب إلى تجسير الفجوة بين الشعوب والأنظمة وتحقيق الالتفاف الشعبي حول المشروع النهضوي العربي الذي يشكل الأمل الوحيد لحفظ المستقبل العربي من الضياع والتلاشي، ولا بد من البحث الجاد عن بناء الحالة الشعبية الحاضرة في القمة العربية، من خلال ارتكازها على قواعد جماهيرية متصلة ومتجذرة في الأرض، حتى لا تبقى قمة عائمة في الفراغ السياسي ومنعزلة عن جذورها الشعبية.
عن الدستور