القسم : بوابة الحقيقة
قالوا للحرامي أحلف قال أجاني الفرج!
نشر بتاريخ : 7/24/2023 2:52:56 PM
المهندس مدحت الخطيب


بقلم: المهندس مدحت الخطيب

 

تعود قصة هذا المثل إلى أن رجلا محتالا كان يطوف بين التجار في الأسواق ويشجعهم على أن يتبرعوا للفقراء والمساكين، إلا أنه ظل يستولي على كل تلك العطايا، دون أن يصل منها شيء إلى مستحقيها، حيث كان التجار يعطونه ولا يسألونه عن مصير الأموال، حتى ذهب ذات يوم إلى تاجر كبير كان قد حل بالبلدة منذ أيام قليلة فروى له القصص والأخبار وطلب منه التبرع للأرامل والأيتام، فرحب التاجر بالفكرة، ولكنه اشترط أن يحلف له بعد إتمام عملية التوزيع بأنه قد منح المال لمستحقيه، فتهلل وجه المحتال فرحا واستعد للحلف على أن يكون ذلك بعد توزيعه لجميع العطايا والاموال...

 

وبالفعل، وبناء على استعداده لحلف اليمين، سلم التاجر له صرة من الدنانير، فأخذها المحتال فرحا بنجاح خطته وأخذ يفكر في حيلة يمكنه من خلالها الحلف، دون أن يصيبه مكروه من القسم الكذب...

 

 فجاءته فكرة خبيثة تتمثل في أن يصطحب زوجته وطفليه إلى صحراء جرداء، حيث لا أحد يراهم من البشر، وطلب منهم خلع ثيابهم على الفور، وعندها سلم المحتال صرة النقود لزوجته وطفليه،  وفي اليوم التالي، ذهب إلى التاجر الذي أعطاه المال، وبعد أن ألقى عليه التحية، حلف قائلا: ها أنا أقسم برب السماء أن مالك قد ذهب إلى عائلة في العراء، ليس لديهم بيت أو طعام أو كساء!

 عندها فرح التاجر متوهما بصدق المحتال، اعتقادا منه بأن أمواله قد ذهبت إلى مستحقيها...

 

وهذا حالنا وديدن كل محتال

 

بربكم وبعد أن تطورت أساليب المحتالين وتنوعت مداخلهم فتعطرت أجسامهم بأفضل أنواع العطور وتزينت ملابسهم بأجمل ما توصلت إليه دور الأزياء العالمية!

 

هل نحن اليوم قادرون على معرفتهم وكشف مكرهم أم أن خداعهم أكبر منا جميع!

اليوم كمْ محتال خرج علينا بثياب الواعظين ونهب وسرق وأكل الأخضر واليابس ثم هرب أو تراجع إلى الخلف وقدم لنا محتال آخر ليكمل الجزء الثاني من المسرحية التي نعيش فصولها منذ سنوات...!

اليوم كمْ محتالا تقلد منصبا هنا وجلس على كرسي هناك واستغل نفوذه المستمد من مركزه الوظيفي وعاث في الأرض فساداً وما زلنا نهلل ونكبر ونصفق له في حله وترحاله.!

 

اليوم هل من العدالة أن نغض الطرف كجهات رقابية على كل من أصبح رجل أعمال وامتلك الملايين- بين ليلة وضحاها وبسنوات قليلة لا تتجاوز أصابع اليد، فأصبح يمتلك رتلا (مول) من السيارات الفارهة والأرقام الفردية المتناغمة والقصور الشاهقة، يصطف العشرات من الخدم من حوله، ويقضي إجازاته الصيفية  في جزر الكناري والشانزليزيه وهاواي وهونولولو ودبي وشرم الشيخ ، ولا ينسى فضل محلات المساج بالصين عليه  فيزورها ولو بالعام مرة !!

 

اليوم ما دمنا نبحث عن الصدق والانتماء  والمحاسبة هل مثل هؤلاء تتم تبرئتهم حتى وإن لم يدان أي  منهم بأي جرم!

 

 أليس من أبواب العدل أن يقال لمثلهم ونحن نشاهدهم ليل نهار من أين لك هذا! من أين  لك كل هذه  الملايين والقناطير المقنطرة من المال والعقار والذهب  والفضة  والاسهم والشركات!

 

صدقوني أن هناك قلوبا قست فأصبحت كالحجارة لا بل أشد قسوة، جرفتهم مغريات الحياة وتعالت أصواتهم في أكل الحرام فلا يعنيهم شيء  الا مصالحهم ومهما كان الثمن !! فهل نحن لهم برادعين ولأخبارهم كاشفين فاضحين معلنين!

 

يقول أحد الحكماء عشت عمري أصدق كل من يحلف لي بــــالله حتى وان كان كاذبا!  كنت أصدقه وإن كانت التناقضات تحيط بحديثه ومواقفه!

 

كان لفظ كلمة الله يشعرني بالخجل من تكذيبهم!!  فالخجل من الله لا منهم !

 

اليوم أقولها بصدق علمتني الحياة  حتى وإن كان درسها متأخراً

أن هناك من يستخدم كلمة الله في حديثه ووعوده  وهو كاذب أشر!

 

فالحلف بالله لدى البعض اصبح كـــطوق النجاة والمفر ...

 

صدقوني حالي كحالكم  فما زالوا يقسمون بالله  وما زلت أصدق كذبهم فهل لي ولكم من كذبهم مفر...

 

 Medhat_505@yahoo.com

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023