من منا لا يُحب أن يكون مشهوراً وله
حضور مميز أمام الأخرين ؟!،
فالشهرة تمنح صاحبها قبولاً عظيماً بين الناس، هذا
هو الواقع الذي لا خلاف عليه، أما الجزء الأهم في موضوع الشهرة فيتمثل في الوجه
القاسي لها أو ما يطلق عليها بالشهرة
السلبية والتي لا محتوى لها ولا عنوان، صاحبها
مثل رجل خامل الذكر لما قدم مكة بال في زمزم ليشتهر بين الناس..
نعم هنالك شهرة موجبة يستحق صاحبها
الذكر والثناء وهنالك شهرة سالبة (سيئة) تنشأ عندما تتغير
القيم والمبادئ وطريقة القياس فتجد القيمة المجتمعية العادلة لهؤلاء رغم
شهرتهم بالحقيقة صفرية فهم كالزبد يذهب جفاء ..
عبر الزمان عظم أهل المدر وأهل الوبر
كل ذي قيمة مضافة فهاهو حاتم الطائي أمير الكرم
سار ذكره مخترقا للعصور والأقوام ،
فاصبح مضرب المثل في جود لا يكدره تكرار، ومثله طُليحة بن خُويلد وكأن فارسًا مشهورًا يضرب
بشجاعته المثل، شهد القادسية ونهاوند قدم لنا جميعا انموذج يحترم في الشجاعة
والاقدام فَخُلد وانشهر ..
ومن منا لا يذكر خولة بنت الأزور أول
فارسة في الإسلام ، وعنترة بن شداد
والمتنبي واحمد شوقي وابن سيناء والرازي وابن خلدون ... وغيرهم من الشعراء
والحكماء وأهل الحضور والقبول من أعلام
السياسة والاقتصاد والعلم والمعرفة والطب
والهندسة والقضاء وغيرهم من صناع مجد
الماضي الجميل ..
بصدق الحديث يطول عن اهل الكرم
والمكارم المؤثرين فينا بعيدا عن تاثير
الأنبياء والرسل عليهم صلاة الله
والتابعين فتاثيرهم فوق كل تاثير لا يقترب منه أحد منذ القدم والى الأزل..
اليوم وأقولها بصدق للأسف أصبح ـ"لصُنّاع المحتوى
الهابط" على منصات التواصل الاجتماعي،
صَوْلة وصَوْلَجان ، وسط مخاوف من
استغلال الشباب في ذلك وهدم ما تبقى من
مقومات المجتمع ..
اليوم كم من عالم ومربي وعسكري ومهندس وطبيب قدموا للعالم
والإنسانية الخير الوفير ولا ذكر لهم ،
وكم من ساقط صاحب محتوى هابط يصفق له الكثيرين ..
للأسف أصبح نشر التفاهة من سمات الكثير
مَمِّن يدعون أنهم مؤثرين في هذا الزمان
العجيب فعليها كإعلاميين ومثقفين التصدي وحتى الاشتباك مع صناع التفاهة العارمة والرذيلة الفاضحة، ولنكون
مقاومين بأقلامنا راسخين بالكلمة فلا خير
فينا أن لم نقلها
وهذا أضعف الإيمان..
ولكي لا نكون مساهمين في هذا التقهقُر بصورة أو بأخرى فإذا كان
المهووس بالشهرة يرضى بأن يقدم محتوى ساقط بعيد كل البعد عن قيمنا واخلاقنا فعلينا جميعا أن نجفف هذا السقوط بعدم متابعتهم
أو حتى التعامل معهم ...
اليوم علينا أن لا نجعل من الحمقى
مشاهير؟ فالزمن كفيل في توضيح النهايات؟ والغريب أن كثير من الناس يتابعون اشخاص
لا يروقون لهم! ويظهر ذلك في تعليقاتهم أو
عند الحديث عنهم ، لكن هوس معرفة أخبارهم والبحث عنها هو من يقودهم إلى الانصياع
والمتابعة!؟
ختاما.. الشهرة الحقيقية هي أن تكون
معروفاً في السماء. فياليت قومي يعلمون وأن نعود
الى قيمنا واعادتنا التي تربينا
عليها فمن لبس ثوب غير ثوبه نقص في
عيون الناس قيمته...