أول ما لفت نظري مساء يوم الأربعاء
تاريخ ٣/١٥ بعد وصولي للرباط بساعات عدد من أصحاب المحلات ينظفون أمام محلاتهم
ويحرصون على جمع النفايات ووضعها في أكياس داخل محلاتهم، ذهبت ذاكرتي للقرى
الاردنية قبل دخول خدمة النظافة إليها في الثمانينات كانت نساء القرية يحرصن على
تنظيف الدخلات والممرات والطرق الترابية بين المنازل ويحملنها مسافة لا تقل عن
كيلو متر لمزبلة القرية مع عدم وجود الطرق الاسفلتية المعبدة او الأرصفة
والاطاريف، على ماذا يدل هذا السلوك الراقي ١- الولاء والانتماء الحقيقي للوطن
والمدينة والقيم العالية ٢- الثقة العالية في الحكومات ٣- الثقة في البلديات.
هذا جميعه حرص عليه المغرب وأخذ يتقدم
على المؤشر العالمي BTI
للتحول الديمقراطي والسياسي والاجتماعي وألاردن يتراجع وتحقق من خلال الاصلاح
السياسي الذي حدث في المغرب وفقدناه في الاْردن ، ويذكرني ذلك بمقوله لصحفي بريطاني
أسمه روبرت فيسك عاش في بيروت مراسلاً لعديد من الصحف وتوفي قبل عدة أعوام يقول
هذا الرجل بانه لم يشاهد أنظف من العرب داخل منازلهم ولم يرى أوسخ منهم عندما
يخرجون للشارع ، ويفسر ذلك بان العربي مقتنع بأن منزله ملكه والشارع والوطن هو ملك
فئة فاسدة تستعبده وتمص دمه، وهذا ما يفسر عدم محافظة المواطن الاردني على نظافة
الشوارع والأحياء والمحافظة على المرافق العامة لانه ١- لا يشعر بالعدالة
والمساواة في بلده ولديه شعور بأن هذا الوطن أصبح يملكه فئة فاسدة بعيده عن آلامه
ووجعه وهمومه ولا يعنيها مطالبه وطموحاته وطلباته.
٢-عدم ثقته في الحكومات المتعاقبة فهي
حكومات كاذبة ملَّ من وعودها البراقة الخادعة والمزيفة وغير قادرة على العمل
ومكبلة بقرار أمني وظيفتها فقط بث الوعود وتقطيع الوقت وإدارة ألأزمة بخلق أزمة
جديدة حتى وصل فيها الهوان أن تجعل من الكلاب الضالة أزمة وطنية تخرجها إلى الحضور
في الوقت المناسب ، ويعرف المواطن تماماً بأن أكثرهم لا يصلح أن يكون مراقب عمال ،
ويعرف بأن أغلبهم وصل لموقع القرار ليس لخبرتهم وكفاءتهم بل جاءت بهم الشللية
والمحسوبية والصفقات النتنة خلف الابواب، وأيضاً ضعف الشخصية لتمرير أي قرار او
صفقة، ويعرف تماماً بأن حصول هذة الحكومات على الثقة هي مسرحيات ، لأن تزوير
الانتخابات تحصيل حاصل وليس للمواطن أي ثقة بصناديق الانتخابات.
٣-عدم ثقة المواطن في البلديات
الاردنية، فقانون الصوت الواحد الذي أُدخل على البلديات مع بداية ألالفية الثانية
، وكان أحد الأسباب الرئيسية في تراجع البلديات وفشلها ودمارها، وأصبح الناس على
قناعة بأن من يديرون البلديات لايمثلونهم كما هو مجلس النواب لا يمثل الاردنيين ،
وأيضاً دخلت مؤسسات الدولة على العبث بالانتخابات البلدية بصورة مباشرة وغير
مباشرة ، فكلنا شاهد على التزوير الفاضح والمكشوف في عام ٢٠٠٧، والانتخابات التي
بعدها لم تخلوا من تزوير وتدخل من قبل عدد من المؤسسات، فأصبح من يقود البلدية
مثله مثل رجل الحكومة ليس للمواطن أي ثقة به،
المعذرة على الاطالة لان هناك مشاهدات
قادمة عديدة إن لم يحبسني حابس، للأسف البلدية تتعرض لهجمة عنيفة من قبل الحكومة،
وأنا كذلك أتعرض لضغوط من كل الجهات ومع ذلك علينا أن نتكلم بصراحة مهما كانت
مخططات الحكومة وهي تحاول كل جهدها تلفيق أي تهمة لمنع أي مواطن من الاعتراض على
سياسة الرعب والعصا الثقيلة التي تستخدمها والتغول على حقوق الناس ومطالبهم.
* رئيس بلدية الكرك الكبرى