عمر الصراع الفلسطيني الصهيوني تجاوز الـ100 عام وراهن الصهاينة، وآخرون، أن الشعب الفلسطيني
سيذوب بعد النكبة التي هجرت 80% منهم من وطنهم التاريخي وتختفي هويته بتشتيته في
كل بقاع الأرض. وردد الصهاينة مقولتهم المشهورة «الكبار سيموتون والصغار سينسون».
هذه المراهنة أثبت الصمود الفلسطيني فشلها وبطلانها، فقد أثبت الصغار تمسكهم
بأرضهم وحقوقهم جيلا بعد جيل.
لقد أنشأنا منذ عقود جمعية كلنا لفلسطين ونحن نجري هادفين الى اجراء
الدراسات حول إبداعات الفلسطينيين وتفوقهم وإثبات قدراتهم القيادية الفائقة في كل
مجال وفي كل موقع لجأوا إليه بعد النكبة، وكذلك أيضا اجراء الاحصاءات الفلسطينيين
والتي أثبتت، خلافا لكل التقديرات المتداولة، أن عدد الفلسطينيين الإجمالي أصبح
يقارب الأربعين مليون نسمة.
لم نُجرِ إحصاء فعليا فذلك ليس بمقدور أحد، ولكننا بنينا تقديراتنا
العلمية على النمو السكاني الطبيعي في كل الدول العربية المجاورة لفلسطين. وعندما
طبقنا معدل تلك النسبة على الفلسطينيين، وصلنا إلى هذا الرقم: أربعون مليونا! ان
هذا الشعب لم يذب كما قدر له، ولم تنل شيء من انتمائه لوطنه وإصراره على نيل حقوقه
واسترداد كرامته وتاريخه وتراث أجداده. فبمرور السنين يزداد هذا الشعب العظيم
يقينا والتزاما باسترداد أرضه كاملة مهما طال الزمن.
وما نشهده كل يوم من التضحيات التي يقدمها هؤلاء الأبطال، والصبر على
المكائد والظلم والبطش والاستبداد الذي لا شبيه له في التاريخ انما يؤكد أن إرادة
هذا الشعب لن تنكسر، وأن نضاله سيحقق له النصر المستحق والعادل والمشروع.
لقد تعلمنا من دروس التاريخ أن إرادة الشعوب لا تهزم أبدا، ولن تهزم
في فلسطين. وتعلمنا من دروس التاريخ أن كل احتلال لا بد أن ينتهي، ونهاية الاحتلال
الفلسطيني حتمية. فإسرائيل في عقدها الثامن، على أرض مغتصبة بالاحتلال، وعلى حساب
شعب استقر فيها على مدى القرون لم تذق يوما طعم الأمن والاستقرار. صدقت الحكمة
التي يرددها الناس والتي تقول «لا يموت حق وراءه مطالب».
وقيل أن العالم أصيب بالملل من قضية فلسطين لدرجة أن البعض توقع أنها
سقطت نهائيا من أجندة القضايا الدولية. ولكن الصمود الفلسطيني، ليس فقط في مجال النضال
الوطني المشروع، ولكن من خلال إبداعات الفلسطينيين في مجالات العلم والطب وإدارة
الأعمال والفن بأشكاله والكثير من المجالات الأخرى، جلبت على هذا الشعب التقدير
والاعتراف والاحترام في كل موقع في العالم حل الفلسطينيون فيه، وظلت قضيته حية وفي
مكانها المستحق على كل أجندة.
ولا بد من التأكيد على أن الضمير العربي الجماعي كان وما يزال يدعم
ويؤيد ويفتخر بهذا النضال الفلسطيني البطولي الثابت.
من النادر أن نجد أمثلة على قسوة المعاناة التي يتعرض لها الشعب
الفلسطيني وفشل المجتمع الدولي في دعم الحق الفلسطيني، ولكننا رغم ذلك نشهد الآن
فجرا جديدا يصنعه هذا الشعب بما قدم، ولا يزال يقدم، من تضحيات كبيرة ومؤلمة
وقاسية، وما تقدمه في خدمة البشرية. وأقول لا القوة الغاشمة ولا البطش ولا التنكيل
ولا الإنكار ولا الاحتلال هو ما يصنع حقا للمعتدي، فالحق هو القوة الحقيقية
المتمثلة بالإرادة والصمود ويظل الحق دوما لأصحاب الحق.
نعم إننا نشهد فجرا جديدا، ونصر جديدا تحققه بطولات هذا الشعب
الفلسطيني العظيم ليضاف إلى تراث عريق ومشرف لهذا الشعب، يظل نبراسا ومصدر فخر
واعتزاز لكل الأجيال القادمة كما أن هذا الشعب العظيم سيصحح مسار التاريخ ويثبت
للعالم أن الحق الذي يدافع عنه أهله بهذا القدر من الالتزام والصمود والخلق لا
يضيع.
واستمرارً لإيماني بهذا الشعب العظيم أعتز بأن أعلن اليوم عن تقديم
أكبر منحة ممولة بالكامل لتدريس أبناء فلسطين تحت الاحتلال وفي مخيمات اللجوء في
الأردن ولبنان وسوريا والعراق للحصول على درجة الماجستير الرقمي في خمسة تخصصات من
«جامعة طلال أبوغزاله العالمية الرقمية».