تصاعدت المقاومة الفلسطينية المسلحة في
الآونة الأخيرة، مع تأكيد مصادر إسرائيلية أن “الأراضي الفلسطينية المحتلة شهدت
وقوع ما يقارب 1000 محاولة لإلقاء قنابل مولوتوف، وأكثر من 200 عملية مقاومة
مسلحة، منذ بداية هذا العام فقط، سقط خلالها 20 قتيلاً إسرائيلياً”. ووفق تقديرات
الأجهزة الأمنية الإسرائيلية: “نفذ بين كانون الثاني وتموز من العام 2021، أكثر من
30 عملية إطلاق نار واشتباكات مع قوات الاحتلال، وارتفعت العمليات في الفترة الموازية
لها من العام 2022 إلى 91 عملية”. بالمقابل، أكدت مصادر فلسطينية أن آب/ أغسطس
الماضي وحده “شهد 832 عملية مقاومة، منها 73 عملية جرى فيها تبادل لإطلاق النار،
ما أدى إلى إصابة 28 إسرائيلياً بجروح، بعضها خطر”.
وفي مناطق كثيرة في الضفة الغربية،
وبحسب ما جاء في تقرير معهد “أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي” لعام 2022، “في كل
اجتياح ليلي لتنفيذ اعتقال في أي منطقة فلسطينية يصطدم جيش الاحتلال باستعداد عال
للمواجهة من جانب شبان يسندهم جماهير عفوية تقف إلى جانبها وتمدها بعزيمة أكبر”.
وأكد “المعهد”: “أحد أبرز التهديدات التي تواجه الاحتلال هي الجبهة الداخلية في
فلسطين المحتلة، فالوضع الأمني في الضفة الغربية يغلي في ظل مخاوف أن يؤدي وخاصة
في ظل الضعف الواضح للسلطة الوطنية الفلسطينية، إلى حالة استنزاف وتهديد
لإسرائيل”.
من يتابع ما ينشر على مواقع التواصل
الاجتماعي يلحظ جيلا فلسطينيا فقد الثقة بأي مسار سياسي وأصبح أكثر قناعة بأن
المقاومة، وعلى رأسها المسلحة، هي الأنسب اليوم. فبحسب التقديرات الإسرائيلية
“يمتاز وضع المواجهات اليوم عن الانتفاضة الأولى 1987 وعن انتفاضة الأقصى 2000،
بممارسة قدر كبير من الاستعداد للمواجهة العنيفة ضد قوات الاحتلال”. من جانبه، أكد
“مركز بحوث الأمن القومي” أن “روح المقاومة تعززت في الضفة وآخذة في التشكل
بالتعاون بين الفصائل الفلسطينية. غابة المقاومة آخذة في الاتساع”. وقال المركز في
تقديره الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان “نظرة
عليا”: “حملات الاعتقال المكثفة، وتصفية المقاومين والإصابات في صفوف الفلسطينيين،
كل ذلك ساهم في تعزيز روح المقاومة وانتشارها في أرجاء الضفة”. وذكر المركز
البحثي، أن نشطاء المقاومة الفلسطينية، لديهم “شعور بالقدرة وبجدوى النضال المسلح،
وهذا الشعور يستوطن القلوب والوعي الجماعي للجيل الشاب، ويغذي الدافعية للانضمام
للنضال، ولكن إدارة الصراع من قبل إسرائيل بأسلوب “جز العشب” (محاولة القضاء على
قوة المقاومة أولا بأول) تقف أمام المقاومة، وقد تؤدي لتوسعها، كما أن هذه
الاستراتيجية توفر إجابة للأشجار الفردية وليس للغابة؛ التي هي التحدي الاستراتيجي
الحقيقي”. وفي مقال، يقول الأكاديمي والمحلل السياسي الإسرائيلي (دورون ماتسا):
“انتفاضة 2022 لا تبدو كسابقاتها، من حيث الإنفجار الجماهيري الواسع، إنما كظاهرة
مستمرة وجذرية تحاول تحدّي الترتيبات القائمة. عملياً، هي انتفاضة بنموذج جديد
تتميز بالاستمرارية، والوقت الطويل، والشخصيات التي تقود المقاومة، وهي غير منتمية
إلى الفصائل”.
يبدو أن الحالة الفلسطينية باتت تقبل
المزاوجة بين المقاومة المسلحة والعمل الجماهيري اليومي وبمشاركة العائلات
والشباب. والحديث اليوم يتصاعد عن تشكل انتفاضة جديدة مغايرة لسابقاتها، مع إدراك
الفلسطيني أنه يقف الآن وحيداً، ولم يعد أمامه من سبيل آخر سوى المقاومة المسلحة،
حتى لو اتخذت شكل العمل الفردي، عوضا عن العمل الفصائلي المنظم.