عديدة هي التحولات الواضحة للعيان تجاه
تزايد القمع الإسرائيلي للشعب الفلسطيني في أراضي الضفة الغربية وأيضا في أوساط
1948. ففي السنوات القليلة الماضية، ظهر تنامي الإنحياز العام في
"إسرائيل" حكومة وأحزابا ومجتمعا، إلى اليمين المتطرف وترسخت صورة
المشروع الصهيوني الاستعماري/ الإستيطاني/ الإحلالي/ العنصري.
عديدة هي هذه التحولات، ولعل أولها
زيادة عنف المستعمرين/ "المستوطنين" في الضفة الغربية والقدس المحتلتين
ليصل إلى مستويات قياسية في ظل وجود نحو (666) ألف مستعمر بالضفة والقدس، بحسب
بيانات حركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية، والرقم إلى ازدياد.
وَلَكَمْ تزايدت، في أنحاء عديدة من "الضفة" نقاط المواجهة المشتعلة بين
الشعب هناك وقطعان المستعمرين/ "المستوطنين" بدعم وإسناد من قوات
الاحتلال الإسرائيلي، مع توفير الغطاء لإرهاب "المستوطنين"، وذلك خلافا
لما كان سابقا، عندما كان جنود الاحتلال يحاولون فصل "المستوطنين" عن
الفلسطينيين أو حتى يقفون، أحيانا، "على الحياد"، لكن الأمر الآن تحول
إلى حماية بل إلى مشاركة في القمع. ومع أن عنف "المستوطنين" ليس ظاهرة
جديدة، إلا أنه، ومع الدعم الكامل من الحكومة والجيش، يكتسب المستعمرون جرأة أكبر
في تصعيد وتيرة الاعتداءات وخطورتها، وهنا يظهر التناغم غير الخجول بين الحكومة
والجيش و"المستوطنين".
وثانيا، بات جيش الاحتلال يطارد
المطلوبين المقاومين الفلسطينيين مباشرة ودون إشعار أجهزة السلطة الفلسطينية.
ففيما مضى، كان الجيش يمنح أجهزة السلطة فرصة لمعالجة أمر المقاومين بالحسنى، لكن
مؤخرا اختار الجيش القمع المباشر بنفسه. لذلك، شن في الأشهر القليلة الماضية حملات
مداهمات واعتقالات طالت مختلف محافظات "الضفة" مركزا على محافظتي جنين
ونابلس، لكنه تفاجأ بأن عملياته باتت تواجَه بمقاومة شعبية فلسطينية عبر إطلاق
النار وإلقاء الزجاجات الحارقة والحجارة. ومع تزايد القمع الإسرائيلي، بات جنود
الاحتلال يقتلون الفلسطينيين لأتفه الأسباب بدعوى حمل سكين وما شابه، بحيث انتقلت
القصة من "الحرص" على الاعتقال إلى القتل الفوري لكي يجعلوا من الشهداء
"أمثولة" لغيرهم.
يأتي،
ثالثا، بعد ذلك القضاء الإسرائيلي، الذي انتقل من الانحياز الخفي في كل
القضايا التي تخص الفلسطينيين من جرائم ومقارفات "المستوطنين" وعمليات
قتل مارسها الجيش بدون دوافع حقيقية، أو السيطرة على الأرض للتهويد والقوانين
العنصرية، وكذلك ملف الأسرى ومصادرة وهدم المنازل.. الخ، متحولا إلى انحياز فاضح.
فالقضاء الإسرائيلي تحول علنا إلى سلطة قمعية قائمة على أساس التمييز العنصري.
أما الإعلام الإسرائيلي، رابعا، فحدث
ولا حرج!! فقد أصبح له دور كبير جدا في تحولات القمع الإسرائيلي للشعب الفلسطيني
في "الضفة" حين انتقل من الإنحياز الخفي المتلحف بغطاء لبرالي، إلى
إنحياز فاقع بالذات مع تحول جميع الأحزاب الإسرائيلية إلى يمين متطرف.
إنها منظومة كاملة من أدوات القمع
الإسرائيلي القديم/الجديد الهادف إخماد المقاومة الفلسطينية لكن دون جدوى.