تواصل حكومات الدولة الصهيونية تماهيها
مع اليمين المتطرف، فهي اليوم مصرة على انتزاع القدس ككل، وليس المسجد الأقصى
فحسب، من محيطها الفلسطيني والمضي قدما في طمس معالمها العربية، الإسلامية
والمسيحية، وتغيير طابعها الديموغرافي، متجاهلة أن هذه المقارفات هي من يخرج
الفلسطينيين من هدوئهم منذ سنوات، وهم الذين يعتبرون القدس بمقدساتها جزءا من
هويتهم الوطنية الجامعة. فمن يجرؤ على الأقصى وكنيسة القيامة لن يتورع عن مواصلة
التهجير والاقتلاع في كل فلسطين التاريخية.
وفي ظل مخططات المستعمرين/
«المستوطنين»، ووضوح السياسة الحكومية الإسرائيلية تجاه المسجد الأقصى، يواصل
الفلسطينيون تنفيذ عمليات فدائية في فلسطين 48، أسفرت خلال أقل من شهرين عن مقتل
نحو 19 إسرائيليا، كان آخرها في 5 أيار/ مايو الجاري، حيث قتل ثلاثة «مستوطنين»،
في مستوطنة «إلعاد» قرب «تل أبيب».
في ظل هذه الظروف، نقلت وسائل إعلام
إسرائيلية، ما تم نقاشه خلال اجتماع الحكومة المصغر قبل يومين بشأن عملية عسكرية
في مدينة جنين بالضفة الغربية أو في قطاع غزة. وبحسب القناة الـ12 العبرية، فإنه
«خلال مناقشات الكابينت والتي استمرت 4 ساعات متواصلة، طرحت قضية حول إمكانية شن
عملية عسكرية واسعة في جنين كونها منبعاً للعمليات». وأضافت القناة أن «هناك معضلة
وهي أن هناك مخاوف من تصاعد وتيرة العمليات في باقي مناطق الضفة». وأشارت إلى انه
«تم طرح إمكانية فرض معادلة جديدة للرد أمام غزة بسبب التحريض على العمليات في
الضفة والداخل». لكن ذات وسائل الإعلام أفردت بالمقابل توقعات «مسؤولين أمنيين
إسرائيليين باستمرار الموجة الأخيرة من «الهجمات المميتة في إسرائيل»، طوال العام
بأكمله». وقالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل": «رغم الجهود التي تبذلها قوات
الأمن للسيطرة على العمليات، وعلى الرغم من الانتشار الكبير لقوات الجيش والشرطة،
إلا أنها ما زالت مستمرة. والمسؤولون يعتقدون باستمرار الهجمات الفلسطينية لعدة
أشهر أخرى، على غرار الموجة في أواخر عام 2015، وطوال عام 2016».
ما يرعب الإسرائيليين الاندفاع غير
المسبوق في العمليات ذات الطابع الفردي، ما أعجز المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عن
إحباط تنفيذ مثل هذه العمليات. لذلك، يعيش الاحتلال حالة من الفوضى والإرباك، وهو
ما ظهر جليا بعد العملية الفدائية الأخيرة بسبب التصريحات التي كانت المؤسسة
الأمنية قد أطلقتها مؤخراً، بأنه تم السيطرة على العمليات الفدائية. بل ومن يتابع
الإعلام الإسرائيلي يجد التحريض الواضح على قائد حركة حماس في غزة، يحيى السنوار،
وربط تصريحاته الأخيرة واستخدامه كلمة الهجوم على الإسرائيليين بالساطور، وبين
تنفيذ العملية الفدائية الأخيرة، والتي استخدم فيها المنفذان الساطور فعلا.
بالمقابل، أبلغت الدولة الصهيونية حلفاءها في الغرب أنها سوف ترسل فرق اغتيال
لاستهداف قادة حماس في الخارج، ردا على العمليات الفدائية. فبحسب صحيفة «التايمز»
البريطانية: «تلقت حماس تحذيرات بشأن مخطط الاغتيالات الإسرائيلي من أجهزة
استخبارات دول في الشرق الأوسط وأوروبا». لكن، وبحسب «الصحيفة»، فإن وسطاء «بعثوا
برسالة الى حركة حماس مفادها أن إسرائيل لا تنوي القيام بعملية اغتيال ولا نية
لتصعيد الموقف مع غزة»!
الفشل السياسي والأمني الإسرائيلي في
تقدير حقيقة موقف الشعب الفلسطيني يتواصل، ذلك أن الشعب الفلسطيني أدرك أن لا بديل
أمامه سوى التمسك بالمقاومة لإنهاء الاحتلال، بعد أن أخذ زمام مبادرته بيده.