بقلم: د. اسعد عبد الرحمن
معروف أن الطفل الفلسطيني يعاني من
أبسط الحقوق الدولية التي يتمتع بها أطفال العالم: قتل، اعتقال، حصار، جوع، ومنهم
من فقد معنى الطفولة ومتعة الحياة.
والدولة الصهيونية منذ نشأتها لم ترتدع
عن مقارفاتها المرتكبة بحق أطفال فلسطين، وهم الذين تفتحت عيونهم على حواجز
الاحتلال ومقارفاته العلنية بحقهم وحق كل ما هو فلسطيني، في مسعى عنصري لتدمير
واقع ومستقبل الشباب الفلسطيني.
فلقد أظهر التقرير الإحصائي السنوي الصادر
عن التجمع الوطني لأسر شهداء فلسطين، أنّ عدد الشهداء الذين ارتقوا خلال العام
الماضي 2021 بلغ 357 شهيدًا، جراء استهدافهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» فإن نسبة الشهداء الأطفال تجاوزت الـ22%،
مُفسرا التقرير ارتفاع هذه النسب بسبب سهولة التعليمات التي يحظى بها جنود
الاحتلال بما يتعلق بإطلاق النار من المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي ضد أبناء
الشعب الفلسطيني، وعدم وجود أية ضوابط تحد من عمليات استهداف أبناء الشعب الأعزل،
بغض النظر عن الفئة العمرية أو الجنس.
في سياق معزز ومتمم، قالت «الحركة
العالمية للدفاع عن الأطفال/ فرع فلسطين» (التي تأسست عام 1991، وهي جزء من
الائتلاف الدولي للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال التي تأسست في جنيف عام 1979)،
إن قوات الاحتلال قتلت 77 طفلا فلسطينيا خلال عام 2021، 61 منهم في قطاع غزة، و16
في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وتحاكم عسكريا بين 500 و700 طفل
سنويا».
وأضافت «الحركة» أن «الطفل الفلسطيني
يعتبر هدفا رئيسا لممارسات الاحتلال اليومية من خلال عمليات القتل والاعتقال
والتعذيب واقتحام المنازل والمرافق التعليمية، على الرغم من كونه من الفئات
المحمية بموجب القوانين والأعراف الدولية».
ومنذ تشرين الأول 2015، وحتى نهاية
2021، وثقت الحركة «احتجاز 41 طفلا فلسطينيا في سجون الاحتلال الإسرائيلي بموجب
أوامر الاعتقال الإداري، منهم أربعة أطفال ما زالوا رهن الاعتقال»، فيما بلغ عدد
المعتقلين الأطفال والقاصرين في سجون الاحتلال نحو (140) طفلاً مع نهاية العام
20212.
إلى ذلك، قال نادي الأسير الفلسطيني إن
نحو «ثلث حالات الاعتقال اليومية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، من فئة
الأطفال. وإن القدس المحتلة أكثر مدينة يعتقل فيها الأطفال».
الدولة الصهيونية التي وقعت منذ العام
1991 على «اتفاقية حقوق الطفل»، تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي تقيم
وزنا للاتفاقية، بل تمعن في انتهاك حقوق الأطفال بلا حدود، والشواهد اليومية كثيرة
ما بين ملاحقة ومطاردة واستدعاء للتحقيق. فعلى الرغم من أن الاتفاقية شددت على ضرورة
توفير الحماية للأطفال ولحياتهم ولفرصهم في النمو والتطور، وقيّدت سلب الأطفال
حريتهم، وجعلت منه «الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة»، فإن «إسرائيل» تعتبر الدولة
الوحيدة في العالم التي تحاكم الأطفال في المحاكم العسكرية وغالبيتهم بتهمة إلقاء
الحجارة.
وفي ظل قوانين إسرائيلية عنصرية أقرت
لاستهداف الأطفال: تشديد عقوبة السجن الفعلي على راشقي الحجارة الفلسطينيين لتصل
إلى عشرين عاما، وتوسيع الصلاحيات الممنوحة لقوى الشرطة لإطلاق الرصاص الحي على
راشقي الحجارة، وتفويض الشرطة في القدس المحتلة ترويع الأطفال الفلسطينيين يتجسد
الواقع الأليم لأطفال فلسطين الذين أصبحوا ضحايا لممارسات الفصل العنصري
والاستعمار والاحتلال العسكري التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب
الفلسطيني، وحياتهم غالبا ما يتخللها العنف وعدم الأمان والصدمات النفسية
والإنسانية التي ترسخ في أذهانهم، الأمر الذي بات يتطلب تدخلا دوليا فعالا لتوفير
الحماية لهم وخاصة من قبل منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونسيف).