بدأت طبول الحرب تقرع من جديد في هذه
البلاد، بعد أن أعلنت الحكومة، عن دخول الأردن في موجة جديدة من الوباء، وهكذا
كلما خرجنا من مرحلة، دخلنا واحدة جديدة مع ظروفها.
يوم أمس يعلن وزير الصحة أن الأردن دخل
مرحلة جديدة من الوباء، بسبب ارتفاع نسبة الفحوصات الإيجابية التي تثبت الإصابة
بالفيروس، ومع هذا يتفقد الوزير مستشفى عمان الميداني المخصص لضحايا الوباء، مشيرا
إلى أن المتحور الهندي المعروف باسم دلتا اصبح هو السائد في الأردن وأكثر من 80 %
من الاصابات في العاصمة ستكون بالنسخة الهندية.
هكذا اذاً هو المشهد، وجود المغتربين،
والجولات الاجتماعية، وعيد الأضحى، ومناسبات الصيف من تخرج وزواج، ومع هذا انخفاض
كبير في نسب الذين يتلقون اللقاحات.
في كل الأحوال لم يستمع أحد لمن حذروا
مسبقا من هذا المشهد، فالدكتور إبراهيم البدور، حذر منذ شهر نيسان من الموجة
الجديدة المقبلة على الطريق، في الوقت الذي كانت فيه الحكومة تتحدث عن قرب دخولنا
لصيف آمن، وقد عالج كاتب هذه السطور، هذه القصة في الثامن والعشرين من شهر نيسان
في مقالة بعنوان ” الصيف الآمن الذي قد لا نراه” وفيه إشارة الى تصريحات الدكتور
البدور، التي تحفظ عبرها على فتح القطاعات، وأشار يومها الى ضرورة تلقيح 100 ألف
شخص يوميا، حتى نصل مع بدايات تموز الى الصيف الآمن، وهذا الذي لم يحدث كما هو
معروف، بما يعني ان توقعات د. البدور كانت الأدق.
نحن نمر بمرحلة اضطراب من جديد،
الحكومة تدب الصوت، وتشق الثوب من جديد، وتحذر المواطنين، من سلوكياتهم
الاجتماعية، وهي أيضا غير قادرة على اغلاق كل القطاعات لاعتبارات اقتصادية، وفي
الوقت ذاته تقول انها لم تبحث لا الحظر الكامل، ولا الجزئي، والناس من جهتهم
حائرون، فماذا يفعلون وهل يقومون مثلا بتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، ودفع
الرسوم، مع منطوق وزير الصحة الذي أشار امس ..” لن نصل الى هدف العودة للتعليم
الوجاهي دون الوصول الى نسب التطعيم المستهدفة”… أم أننا سنشهد هجرة كبرى، كما هو
متوقع من المدارس الخاصة الى الحكومية، وكيف يمكن ان يبني الانسان خطة حياته لشهر
مقبل، ما دام لا يعرف اذا كان سيخطب او سيتزوج، او حتى سيبرق بالطلاق مثنى وثلاث،
أو سيعاد حشره في غرفة، او قد يتم اغلاق محله التجاري.
لكننا من جهة ثانية سنقول ان كل هذا
الضخ الحكومي في الاعلام خلال اليومين الماضيين، يتعمد تحفيز الناس على تلقي
اللقاحات، وهذا امر مهم، ولنسأل الحكومة هنا، عن الذي يمنعها من فرض اللقاح على
طلبة الجامعات، وأعضاء الهيئات التدريسية، في ذات الجامعات، تمهيدا لعام دراسي
وجاهي، وبهذا ترتفع نسبة الذين يتلقون اللقاح، ولماذا يتم ترك العملية لقرار الأفراد،
ما دام كل فرد فينا يؤثر في المجموع بشكل سلبي، خصوصا، حين نرى الاستخفاف بالوباء.
أليس غريبا ان نكون من أعلى شعوب شرق
المتوسط في التعليم، وفي استعمال الانترنت، ونرى بأعيننا الانهيارات التي تجري في
دول عديدة بسبب الموجات الجديدة من الوباء، لكننا في المقابل نتساهل، وسنرى كيف أن
العيد المقبل، سيكون بوابة لمرحلة جديدة من الوباء، على كل المستويات، وبحيث نخرج
من العيد بحالة لا يعلم بها الا الله، تتضح آثارها نهايات تموز.
منذ الآن بدأت الاستعدادات علنا لمرحلة
جديدة من الوباء، وقد تكون هناك مؤشرات مختلفة لا يراد كشفها اليوم، لكن هذا يفرض
في كل الأحوال على كل واحد التنبه، وتلقي اللقاح، ومواصلة الاهتمام بنفسه وعائلته،
والإجراءات الصحية الوقائية، حتى لا نصطدم بالجدار.
إذا أصبحنا بلا صيف آمن، دعونا نراهن
أيضا على خريف آمن، فالعمر طويل أيها السادة، ونحن شبه عاطلين عن الإنتاج والعمل،
فلماذا لا نراهن وننتظر؟.
عن
الغد