الكاتب: ماهر ابو طير
عشرات الاحزاب السياسية في الاردن تحصل على دعم مالي من الخزينة، وهذا دعم يطعن اساسا في سمعة الاحزاب ومهمتها ونزاهتها، ولايعتبر تنمية سياسية في كل الاحوال، اذ كيف يمكن للخزينة ان تدعم حزبا كسيحا،وننتظر منه، نقدا للحكومات، بغير البيانات اياها؟!.
في المعلومات المتسربة ان هناك قرارا بخفض الدعم للاحزاب الى النصف، والخطوة قد تعبر عن تقشف حكومي، في النفقات، وليس عن قناعة بكون الاحزاب غير فاعلة، او انها بدأت تعتمد على ذاتها.
منذ البدايات كان دعم الحكومات للاحزاب، امرا سيئا جدا، فاذا كان الحزب اساسا غير قادر على تدبر مصاريفه، والقيام بدوره في الحياة العامة، لاعتبارات كثيرة، فليس من مهمة الحكومات، ان تأخذ اموالنا وتدفعها ليافطات سياسية، لاتفعل شيئا، سوى اكمال الديكور الديموقراطي في البلد، ثم كيف يمكن للاحزاب ان تؤدي دورها، وهي تتغذى على مال الحكومات، وهذا وحده كفيل بالطعن في اداء الاحزاب وسمعتها؟!.
اذا اردنا العودة الى المربع الاول، فمن السهولة ان يقال ان هناك انفضاضا عن الاحزاب، له اسباب عديدة، اقلها موروث العمل الحزبي، في نفوس الناس الذي يؤدي الى النفور منها، اضافة الى ظن الناس ان الانتساب الى حزب، امر له تداعيات سياسية وامنية سيئة على الانسان، كما واجهت بعض الاحزاب تحجيما متواصلا، مما ادى الى تحويل الاحزاب عموما، الى واجهات نفوذ لاشخاص، يريدونها مظلة وجاهة لهم لاعتبارات كثيرة. المؤسف ان الجهات الرسمية تعرف هذا الامر جيدا، وتتورط في ادامته، عبر دعم الاحزاب ماليا، بنصوص قانونية، برغم ان مهمة الاحزاب اساسا، الوقوف في وجه هدر المال العام، ونقد الحكومات، لا تلقي المال منها، والتواري وراء نصوص قانونية تسمح بهذا الدعم.
الاصل هنا، ان لايتم التأثير على عمل الاحزاب، ولا الاختباء وراء شعارات التنمية السياسية، من اجل تقديم المال للاحزاب، فالذي يريد التنمية السياسية حقا، لديه وسائل اخرى كثيرة، اقلها تطمين الناس، بأن الانتساب الى حزب، ليس خطيئة وطنية، اما المال، فهو لتسكين الحزب، وجعله تابعا، ضعيفا، ويمكن وصفه «شقيق الحكومات بالرضاعة» في هذه الحالة.
على النواب دور في المطالبة بوقف الدعم كليا، وتخصيص هذه الملايين، للفقراء او الطلبة او الايتام، بدلا من دفعها الى واجهات سياسية شكلية، غير مؤثرة في الحياة العامة، ولانسمع عن اي نشاط لها، سوى اصدار البيانات، وهذه ليست سلبية، بل مطالبة في اطار تصحيح طريقة انفاق المال، في هذا البلد.
الاحزاب غير القادرة على الاستمرار بدفع ذاتي منها، لترحل بعيدا، لاننا للاسف الشديد امام حالة يمكن وصفها بشراء الذمة السياسية، لكن بطريقة قانونية، واذا كانت هناك احزاب فاشلة، فلاداع لها، خصوصا، ان الدعم هنا، لاتجد له شبيها في اي بلد، فمن هي الدول التي تنفق من مال الناس، على احزاب سياسية، لاتعارض، ولاتوالي، ولاتفعل شيئا، سوى كونها مجرد عنوان نحاجج به العالم، بأعتبارنا نعيش حياة سياسية خصبة، بل ان الادهى والامر، ان تقبل هذه الاحزاب على نفسها، تلقي المال من حكومات، يفترض انها تقف في وجه ادائها اذا اختل!؟.
عن الدستور