بدء تنفيذ سحب مياه سد كفرنجة وتحليتها بـ 14 مليون دينار 100 شاحنة جديدة تعبر من الأردن لغزة صدور مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية بين ميسي ورونالدو.. رودري يختار الأفضل في التاريخ الأمن العام ينفذ تمريناً تعبوياً شاملاً لتعزيز الجاهزية والتنسيق في مواجهة الطوارئ على خطى بيكهام.. أول لاعب كرة لا يزال في الملعب يقتحم عالم الاستثمار في الدوري الأمريكي "غولاني".. أشرس ألوية الاحتلال تسقط في "كماشة" مقاومي غزة ولبنان كلية الـ تمريض في جامعة جرش تنظم يوم عمل تطوعي في محافظة جرش وزير العمل: إعلان الحد الأدنى للأجور خلال 10 أيام مادبا .. ازمة سير خانقة بسبب اعتصام لأصحاب المركبات العمومية الاردن يدين بأشد العبارات جريمة قصف "إسرائيل" حياً سكنياً في بيت لاهيا 51647 طالباً وافداً في مؤسسات التعليم العالي الأردنية ارتفاع أسعار الذهب في السوق المحلية نصف دينار وفاتان و 3 اصابات بحادث سير بين 4 مركبات أسفل جسر أبو علندا - فيديو

القسم : بوابة الحقيقة
الحياة مكلفة... فماذا عن الموت؟
نشر بتاريخ : 5/25/2020 2:36:32 PM
د. اسعد عبد الرحمن
د. أسعد عبد الرحمن

"تكاليف الحياة" في بلداننا العربية باهظة، والفوارق الطبقية واضحة، ومن يعييه البحث عن أمتار قليلة من الأرض أو شقة ولو بحجم زنزانة أو مدرسة لتعليم أبنائه إلخ... هو بدون شك أكثر العارفين والمقدرين! لكن ماذا عن كلفة الموت؟ ماذا عن المتر ونصف المتر التي تعد متطلبا إجباريا كي يعمل الإنسان ترتيبات ليدفن فيها جسده حين يقع فريسة لمصيدة الموت ويُغادر الحياة؟ هل يمكن القول إن كلفة الموت لا تقل عن كلفة الحياة، أو إن شراء بضعة أمتار للقبر -إن وجدناها- مرهق مثل شراء بضعة أمتار للحياة؟!.

أما الفوارق الطبقية بين الأموات، فهي مدهشة حقاً، فالفقير "يجب" ألّا يموت!، وإن مات، فـ "الويل والثبور وعظائم الأمور" تقع على من يتكفل بلوازم الدفن وسعر القبر وأجرة وتكاليف مكان وأيام العزاء وغيرها... إلخ. وفي هذه الحالة، لا يتوجب على عائلته فقط مواجهة خسارة أحد أحبائها، بل يتحتم عليها ربما الاستدانة أيضا لدفع التكاليف الباهظة لمراسم الجنازة. فأنت، إن توفي أحد أحبائك؛ لن تساوم –بالطبع- على الأسعار وستدفع المبلغ الذي يطلب منك. وإن أنت لم تكن تملك ما يكفي من المال، يتوجب عليك الاقتراض. ويزداد القلق بسبب وقوع الكثير من الناس غير الميسورين تحت وطأة الديون لتسديد التكاليف الباهظة للمآتم، ولكي يظهروا أنهم قادرون على الوفاء بالمعايير التي "حددها" أصدقاؤهم أو جيرانهم وفقا للأعراف الاجتماعية. 

أما الأثرياء، فكل البواكي لهم!، إذ عادة ما "يتفننون" بمسألة الموت؛ من حجز في قاعات فخمة، وسرادقات واسعة، ومقرئين نجوم، وولائم وإعلانات نعي ومشاطرات وذكرى سنوية في الصحف، يزخرفون القبور ويستوردون النعوش وينفقون الآلاف لضمان صورتهم أمام الأحياء قبل الأموات. إنه وطننا العربي –أيها السادة- لا الحياة تفتح ذراعيها للفقير، ولا الموت يريحه من شقائه! أما عند الأثرياء، فقد أصبحت مراسم الجنازات عالية الكلفة، وأحيانا يصعب التمييز بين مأتم وحفل زفاف. الفرق الوحيد هو أن المشروبات الروحية لا تقدم في المآتم!، إذ غالبا ما يقدم النُدل "الضيافة" لمئات (وأحيانا... لآلاف) الأصدقاء والأقرباء والجيران والمعارف والفضوليين في القصور والفلل الفخمة أو في سرادقات تبقى مشرعة أبوابها طيلة ثلاثة أيام وربما أكثر! في السياق، تعرض الشركات المختصة في المراسم والمآتم توفير الخيم والصيوانات والندل والطباخين وهذا دليل على إن المآتم أصبحت تجارة مربحة، خاصة وإن "صناعة" دفن الموتى ناشطة وفي حراك مستمر، بل إن عددا من الشركات تتنافس في تأمين لوازم الدفن والجنائز بشدة فيما بينها! ومن أجل مجاراة "الطلب" الذي يزيد لعوامل عدة، تحرص مثل هذه الشركات على تقديم سلة خدمات/ منتجات جديدة، بحيث تتولى كل ما يتعلق بألفباء الجنائز والمآتم، وكل شيء بثمنه!، وبسبب تطور الخدمات، تطورت الطقوس الاجتماعية ولوازم الدفن، ودائما ما يكون هناك "متطلبات جديدة" تعمل الشركات على تأمينها... فالتجارة، حتى في حالات الموت، أصبحت رائجة! فهل تعيد تداعيات ودروس جائحة فيروس الكورونا بعض الرشد والإتزان والحكمة إلى عقولنا، وبالتالي إلى عاداتنا؟!

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023