التكافل الاجتماعي وأهميته في حياتنا اليومية والعملية وما يتبعه من نتائج إيجابية، تضمن الترابط والتواصل فيما بيننا، وقد ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"، وقال عليه الصلاة والسلام " المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا"، ونجد أنه منذ تأسيس المجتمع الإسلامي لليوم كان وما زال التكافل الاجتماعي والتشارك في كل شيء أساس بناء المجتمعات وقد ظهر ذلك جليًا في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في عهد النبي الأمين، فعمدوا إلى اقتسام أموالهم وممتلكاتهم فتوحدوا ضمن بوتقة واحدة و انصهروا معا في المجتمع.
ويعرّف التكافل الاجتماعي؛ أنه اجتماع أفراد المجتمع كافة على المصالح المشتركة فيما بينهم، فأن يكونوا يدًا واحدة ضد المعوقات الفردية والجماعية التي تواجههم، ويتّحدوا على دفع الضرر والمفسدة عن جميع أفراده، والوقوف على كل ما يواجه أفراد المجتمع الواحد، من مساعدة للمحتاجين وإغاثة للملهوف وحماية للضعيف، وتكريم من يستحق التقدير، والنظر إلى كل من لديه حاجة خاصة، والوقوف إلى جانب بعضهم في دفع المظالم وتسوية الخلافات وتقريب وجهات النظر بين أفراد المجتمع الواحد.
وفي وقتنا الراهن نحن نحتاج إلى وقفة واحدة لجوار بعضنا البعض، وخاصة أننا الآن نمرُّ بأزمة عالمية؛ ألا وهي انتشار فيروس كورونا، الذي بدأ يجتاح كل الدول بلا هوادة، فباتت أضراره وخيمة، ومع صدور قرار الدفاع الثاني؛ وهو حظر التجول والمكوث في المنازل للحد من انتشار الوباء، فلا بد من تفعيل خاصية التكافل الاجتماعي بين المواطنين كافة؛ للتخفيف على الدولة، وللتعاون فيما بينهم، وهذا يسهل الأمر ويخفف وطأة الاختلاط بينهم، و لإجراء ذلك لا بد من آلية تضمن التشارك بين المؤسسات المجتمعية وبشكل مقنن تضمن التسهيل على المواطنين.
ولا ننسى آثار التكافل الاجتماعي التي تصون نفس الفرد وتجعله يشعر بالراحة والطمأنينة، فتزداد ثقته بنفسه لأنه يجد التقدير والدعم من الآخرين، والذي يدفعه بدوره إلى التقدير الذاتي، كما يصبح المجتمع أكثر لُحْمةً وتماسكًا واستقرارًا، وبالتالي تزداد قدرته على مجابهة كل ما يعترض طريقه، ويسهم في زوال الضرر وسد حاجات المجتمع وزيادة أواصر الألفة والوفاق فيما بين أفراده، وهذا حقا ما نحتاج إليه في وقتنا هذا؛ فالوباء وانتشاره والحظر وتبعاته، كل ذلك سينعكس سلبا على الفرد ونفسيته.
ولا يمكن للتكافل الاجتماعي أن يأتي بصورة واحدة، فهناك عدة صورة للتكافل الاجتماعي منها ما هو مادي، كمساعدة المحتاج وقضاء الدين عنه، وربما يكون معنويًا من خلال تحفيز أفراد المجتمع بعضهم البعض، والإفادة من خبراتهم، حيث يسهم تبادل الخبرات في تدعيم المجتمع ككل وجعله أكثر قدرة على مواجهة المشكلات الاجتماعية.
وقد يظهر التكافل الاجتماعي من خلال توزيع المسؤوليات على أفراد المجتمع، وخاصة أصحاب القرار منهم وذوي الرأي فيه؛ فهؤلاء تقع على عاتقهم مسؤولية حماية المجتمع وحل مشاكله، بالإضافة إلى السماح للمبادرات المختلفة والتي تسعى للتكافل الاجتماعي وتوزيع الأدوار المختلفة؛ فتساهم في تقديم جزءً من الخدمات لينعم أفراد المجتمع بالراحة والأمان، لتخطي تلك الأزمة بصبر وعزيمة ثبات، سائلين المولى عزّ وجل أن ينزل علينا السكينة والشفاء، في ظل وطننا الحبيب.