بقلم: محمد فلاح الزعبي
اثر فوز دونالد ترامب – المفاجئ – بالرئاسة الامريكية اليوم تساؤلات كثير حول العلاقات الخارجية للولايات المتحدة وخاصة ان تصريحاته كانت صدامية وعدائية على وجه غير معهود اثناء فترة الترشيح .
على العموم تمثل السياسة الخارجية للولايات المتحدة تأثيرا كبيرا في المسرح العالمي، لكونها قوة عظمى تتحكم في مصائر شعوب ودول بأكملها فيما , يعطي الموقع الجيو سياسي للشرق الاوسط اهمية كبيرة في نظرة الولايات المتحدة له حيث لطالما كان مطمعا للاستعمار الامريكي الجديد والذي هو امتداد للاستعمار البريطاني الفرنسي ولكن بأدوات مختلفة اكثر رقيا ان جاز الوصيف .
التجارب التاريخية تشير الى ان السياسة الامريكية الخارجية ثابتة، إذ لا تختلف السياسة الخارجية في عهد أي رئيس أمريكي عن الآخر وخاصة ما يتعلق بالوطن العربي، لكن الوسائل تتغير بين الحين والاخر وهذا يعبر عن استمرار النهج الأمريكي وتعريف المصلحة الوطنية لها، بغض النظر عن الفرد الموجود في البيت الأبيض.
اما بالنسبة للاردن خاصة فخلال الاربعة عقود الفائتة كانت العلاقة بين الاردن والولايات المتحدة وثيقة جدا حيث تميزت بمواقف اردنية معتدلة مقابل تعهد ادبي من الولايات المتحدة بتعزيز استقرار الاردن ودعمه ماديا حيث تصل المساعدات السنوية الامريكية للأردن حوالي 460 مليون دولار سنويا كما ان هناك تفاقا ادبيا بين الاردن والولايات المتحدة بحيث تكون الاردن حليفا رئيسيا لها خارج حلف الناتو .
ومنذ ترشح ترامب عن الحزب الجمهوري مقبل كلنتون عن الحزب الديمقراطي بدأت التساؤلات حول شكل العلاقة بين الاردن والولايات المتحدة في حال فاز ترامب وانتقلت الرئاسة من الحزب الديمقراطي الى الجمهوري .
اولى هذه الاجابات كانت على لسان السفيرة الامريكية في الاردن اليس ويلز والتي استبقت نتائج الانتخابات الامريكية بالتأكيد على التزام بلادها تجاه الادن ثابتا وغير قابل للنقاش بصرف النظر عن الرئيس الجديد للبيت الابيض .
اما الرسالة الصريحة كانت تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بتعزيز التعاون مع الملك عبدالله الثاني ، في مواجهة الجماعات المتشددة في الشرق الوسط وهو ما يؤكد ان لا مخاوف على مستوى صناع القرار السياسي الاردن حول تغيير سياسة الولايات المتحدة تجاه الاردن حيث تتقاطع مصالح الطرفين بأهداف مشتركة وملفات هامة منها محاربة الارهاب حيث لا بديل عن التعاون بينهما ضمن استراتيجيات محددة .
الملف الشائك والذي سيشكل نقطة خلاف في السياستين الاردنية والأمريكية هو ملف القضية الفلسطينية حيث صعد اكد ترامب على الالتزام الأمريكي المعهود بالانحياز لإسرائيل، مع تعهده بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس .
لكن ما يحدد تطبيقه لذلك هو ان كان سيجد وقتا اكبر لقضايا الخارجية بعدما وعد الأمريكيين الانكباب على الشان الداخلي مشيرا الى انه سيكون اولوية على اجندته ,وهو ما يعني ترامب سينشغل طوال الأربع سنوات المقبلة في تطبيق ما كان قد وعد به الأمريكيين حول الشأن الداخلي، ولن يتفرغ للشأن الخارجي، حتى مع تعيينه لمستشارين خبراء في هذا الشأن .
مراقبون اكدوا ان الخيارين بين كلنتون وترامب سيئين وان امريكا تحكم العالم بكل الاحوال ومصيره- وخاصة الدول العربية –بيد امريكا التي تحتله بشكل او باخر مؤكدين ان من الخطأ تسمية العلاقة مع الولايات المتحدة حلفا كون لا تكافؤ في القوة الدولية بين الطرفين .
كما لفت مراقبون الى انه من المحزن ان يعلق العرب مصيرهم بفوز حزب او اخر في الولايات المتحدة لينتظروا ما الذي سيحل بهم بدل ان يصنعوا هم افاق مستقبل دولهم وشعوبهم .
لكن يبقى الاردن الدولة الوحيدة التي تعقد الصفقات السياسية مع الولايات المتحدة وذلك لاعتبارات عديدة فالأهمية الجيوسياسية للاردن والذي فرضه موقعه الجيوبوليتكي المتوسط لمنطقة ملتهبة ودول تعيش حروبا طاحنة منذ سنوات عدا عن القضية الفلسطينية والتي باتت في عهدة الاردن وحده بعد انشغال الدول المحيطة بالأزمات التي تعصف بها .