بقلم: م. عبدالرحمن "محمدوليد" بدران
تمر بنا هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلوبنا إستيقظ فيها الشعب الأردني على تحقيق حلم طالما راوده وسعى للوصول إليه، في الخامس والعشرين من الشهر الخامس الميلادي قبل 73 عاماً عندما وافقت الأمم المتحدة على الإعتراف بالأردن مملكة مستقلة ذات سيادة وأعلن المجلس التشريعي الأردني الخامس الملك عبدالله الأول ملكاً دستورياً على البلاد، وتأتي علينا هذه المناسبة الغالية هذا العام وسط العديد من التحديات الجسيمة والخطيرة لتكون إمتداداً لقدر الأردن منذ إستقلاله بأن يكون دائماً وسط العواصف والتحديات، تحديات منها ما هو من داخل أسوار الوطن وأخرى تحيط به من كل الجهات من القريب والبعيد، ففي الداخل حكومة مازالت تحاول ملامسة نبض الشارع ببطئ شديد وخطوات مترددة ومحاولات لسد فجوة الثقة بينها وبين المواطن التي تزداد رقعتها كل يوم للأسف، وشارع يرفع صوته بين الحين والآخر لتصحيح الأخطاء وكبح جماح الغلاء في البلاد والعمل على تعديل المسار الحكومي وإقتلاع جدور الفساد والفاسدين في البلاد والتعامل مع مشاكل المواطن بشكل أكبر كفاءة وجدية، وشباب ما يزالون ينتظرون فرصتهم للمشاركة في بناء الوطن والعمل على رفعته وإزدهاره بأفكارهم وإبداعاتهم "المجمدة" تارة و"المؤجلة" و"المهمشة" تارات أخرى !
ومع كل ذلك يظهر موقف يدعو للفخر والإعتزاز لكل مواطن أردني من قبل قيادة البلاد الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله، موقف رافض لكل خطوات المساس بالوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى والمقدسات الدينية في القدس الشريف، ولكل محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب الشعب الفلسطيني وأطراف أخرى عدة في مقدمتها الأردن بإلغاء حق الشعب الفلسطيني في أرضه وشرعنة الإحتلال الإسرائيلي وكل ما يقوم به من عبث بالأرض وبكل من يوجد فوقها من بشر وحجر.
ولا تمر بنا ذكرى الإستقلال هذا العام وسط تحدي القضية الفلسطينية القديم المتجدد فقط، بل يرافقها تحديات أخرى كبرى في المنطقة فطبول حرب مدمرة تقرع بقوة وسط تهديدات متبادلة بين الولايات المتحدة وإيران، ووضع مازال يتوتر بين حين وآخر فوق الأراضي السورية والعراقية المجاورة، إلى غير ذلك من التوترات التي تزلزل الكثير من البلدان العربية من اليمن إلى السودان إلى ليبيا إلى الجزائر وغيرها الكثير من التحديات التي تعصف بالمنطقة هنا وهناك.
ولأجل ذلك بات من الضروري أن يذكر كل منا نفسه ترى ماذا علينا فعله في مثل هذه الظروف، وهو السؤال ذاته ترى ماذا علينا أن نفعل عندما تحيط بنا الروائح الكريهة من كل الجهات في داخل منزلنا، بالتأكيد لن نفرط بمنزلنا أو نعمل على إحراقة وتدميره لأجل الخلاص من هذه الروائح المزعجة، لكننا سنعمل على نشر روائح أجمل عطورنا حولنا لتطغى على الروائح الكريهة وتساهم في تغييبها وزوالها نهائياً، وهو تماماً ما علينا فعله اليوم بتعزيز أجمل الروائح والمعاني في وطننا وهو يمر بهذه الظروف العصيبة الكريهة، فنقوم بتعزيز المعاني الجميلة فيه من وحدة وطنية ومحبة صادقة وجهد مخلص لتصحيح الأخطاء فيه لتعلو فوق كل أصوات الكراهية والإساءة والنيل من الوطن ووحدته سواء كانت من داخل الوطن أو خارجه، لنبقى يداً واحدة تعمل على تعزيز الأمن والأمان في هذا الوطن بكل معانيه مهما كان فيه من التحديات، خصوصاً ونحن نسمع عن أحداث مستغربة عن مجتمعنا بين حين وآخر.
فهكذا كان الشعب الأردني دائماً وسيبقى بإذن الله لا تزيده المصاعب والتحديات إلا قوة ومنعة ووحدة وتكاتف، ولا يسمح لأي كان العبث بالوطن وأمنه ومقدراته خصوصاً من لا يفرقون بين الوطن وبين محطة الوقود !
سنبقى كراماً في وطننا بإذن الله نعمل بكل قدراتنا وإمكانياتنا على الحفاظ عليه وتصحيح كل خطأ فيه، لتبقى راياته وهامته وهامة كل من يعيش فوق ترابه شامخة عزيزة، مهما كان فيه من الأخطاء فلا يوجد بلد في العالم بلا أخطاء وعيوب، وسنبقى نردد عالياً "بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام"، حفظ الله الوطن وأهله وقائده في أمن وأمان وعز ورخاء دائماً بإذن الله تعالى.
...