تعرّض الأردن دائماً لتحديات وتهديدات خارجية حاولت أن تشكل خطراً على أمنه واستقراره، وهي تحديات على درجة عالية من الجدية، لم يتم إغفالها من قبل متخذ القرار الاردني؛ لحماية الوطن من كل أشكال التهديدات.
ومع ذلك تواجه المملكة العديد من التحديات الداخلية، التي تتركز حول بعض المفاهيم كالاستقطاب الاجتماعي، الوحدة الوطنية، وتعزيز الولاء والانتماء. ولعلّ ما نشهده اليوم في مجتمعنا دليل على ذلك؛ حيث بات مصدرا للهدامين ممن يتقنون صياغة الإساءة بإسلوب لافت للنظر، ويلجأون إلى عدة أساليب منها: التنمر الفكري، وبث الإشاعات الهدامة والأخبار المغلوطة، والتشوية والإنتقاص من المنجزات الوطنية. وفي زمن تعلو فيه أصوات مدّعي الوطنية والمتظاهرين بالانتماء والولاء، بات يخوّن فيه الأمين ويؤتمن الخائن، وتقلب المعادلة القائمة على الفطرة السليمة، فيُهان الشريف، ويُشرّف الوضيع. وتعلو اصوت الغربان الهدامين الذين يجعلون من الوطنية مشجبا يعلقون عليه مقارفاتهم.
هذا ما تطرّق اليه الملك عبدالله خلال لقائه مع عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية في قصر الحسينية يوم الأحد الماضي، حيث قال جلالته: «نحن جميعاً كأردنيين يجب أن نقف مع بعض ونقطع الطريق على أصحاب هذه الأجندات». وأشار جلالته «إن أصحاب هذه الأجندات هم عبارة عن جهات ومنظمات تعمل من وراء الشاشات هدفها هو تشكيك المواطن بقرارات ومؤسسات وطنه بالإضافه إلى زرع الخوف في مستقبله وأمنه».
أقل ما يمكن وصف هؤلاء به هو أنهم أبواق مأجورة؛ يستغلون منصات التواصل الإجتماعي للإساءه الى الوطن ومحاولة زعزعة الجبهة الداخلية، وتثبيط عزيمة الأردنيين الملتفين حول جلالة الملك ومواقفه المتميزة الصلبة لنصرة قضايا الامة.
وفي دراسة استطلاعية حديثة نشرتها صحيفة الدستور الثلاثاء الماضي، أظهرت قيام منصات تواصل اجتماعي بدور كبير في نشر الشائعات بنسبة 79 %، وشملت هذه الإشاعات جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فكانت الإشاعات السياسية في المقدمة بنسبة 93 %، تلتها الاجتماعية بنسبة 84 %، وأخيراً الاقتصادية وبنسبة 64 %.
هذا يعني أن الجانب السياسي هو أكثر الجوانب الخصبة لإطلاق الشائعات.
لا شك أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت بعيدة كل البعد عن كونها منصات لمناقشة القضايا الوطنية المهمة، ووسيلة للتفاعل الإجتماعي الإيجابي، وبذلك أصبحت مكاناً للهدم والذم والقدح والشبح والمعلومات المضللة التي تخلو من اللياقة واللباقة، وهذا ما أكد عليه جلالة الملك في مقال سابق له بعنوان: «منصات التواصل أم التناحر الإجتماعي».
يرسل الملك رسائل واضحة، مفادها أن الأردن يمر حاليا بتحديات كبيرة علينا جميعا إدراكها. وأنّ الوضع لا يحتمل المزيد من المنازعات والخصومات وإنكار النجاحات والإنجازات الوطنية. وعلى الجميع الإبتعاد عن العبث والتشكيك وجلد الوطن والطعن بمواقف بلادنا القومية الراسخة. وكشف «الوطنية» المزيفة التي يلجأ اصحابها الهدامون الى التخوين والتكفير وتجريم الاخرين وتهميش الشخصيات الوطنية على كافة الصعد.
من هنا لا بد من التسلح بالوعي على أن الأردن بحاجة للنهوض والتطور أكثر من أي وقت مضى، وأن الالتفاف الشعبي الكامل حول القيادة الهاشمية يبعث في النفوس الأمل والعزيمة. فالأردن قوي بحقه وقيادته، قوي بإرادة الأردنيين، رغم ما يواجهه من ظروف اقتصادية.
* رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا