بقلم المهندس مدحت الخطيب
شهدت محطات المحروقات التابعة لشركة
“المناصير”، تهافتا شديدا من قبل المواطنين، بعد عصر الثلاثاء، بسبب عرض أطلقته
الشركة.
وكانت “المناصير” قد أطلقت حملة
تسويقية لمنتجاتها ، بين الثالثة والسادسة، يحصل بموجبها من يشتري بنزين 90 أو 95،
على قسيمة شرائية بقيمة 5 دنانير….
ما يعنيني ان الحملة اخذت طابع الهجوم
والهجوم المضاد على منصات السوشيال ميديا ، وابتعدت عن المضمون، فالبعض شكك بصدق
الحملة وقال ان الهدف منها هو تلميع صورة المناصير بعد المشاكل التي حلت بالسيارات
وقصة بنزين 90..
والبعض الاخر دافع عن الفكره واعتبرها
بادرة خير تضاف الى سجل المناصير في خدمة الوطن والمواطن..
بين هذا وذاك تذكرت المثل الشعبي
العراقي ( جفيان شر ملا عليوي)
#جفيان : كلمة مشتقة من كلمة كفى كأن
يقال الله يكفيك شر فلان..
وحكاية المثل وأن اختلفت الروايات في
سردها تقول :-
كان الناس في زمن مضى حريصين أشد الحرص
على اداء الصلاة في أوقاتها وغالبا ما يؤدونها في المساجد .. وفي أحدى قرى العراق
، اعتاد أحد الأشخاص على عدم الإلتزام بهذا الواجب على الرغم من نصح وارشاد امام
الجامع “الملا عليوي” بل وتحذيره مرارا وتكرارا له من العواقب ، حتى تصاعد الخلاف
بينهما لدرجة القطيعة. ومرت الأيام وأراد هذا الرجل ان يقترن بامرأة ، وتوجب ان
يقوم الملا عليوي بعقد القران لهما حسب الأعراف والتقاليد. احتار صاحبنا كثيرا وفي
نهاية المطاف وبعد أن علم انه لامناص من ذلك ، وبعد ان سمع نصيحة الاصدقاء بالذهاب
ولو مرة واحدة على الأقل لاداء الصلاة في الجامع حتى يكون تحت أنظار الملا فيصفح
عنه ويحقق له مبتغاه. وبالفعل ذهب هذا الشخص لاداء صلاة الفجر.. ولم يكن على قناعة
وايمان كبيرين ، وعندما وقف خلف الملا عليوي بعد الإقامة قال ..”نويت أن اصلي صلاة
الفجر ركعتان (جفيان شر ملا عليوي) “. وهكذا ذهب قوله مثلا حتى يومنا هذا… .
اليوم ومن باب تجنب الخلافات و كف
الأذى والشر عن المواطن والوطن، وبعد هذا السجال والاختلاف وفقدان الأمل في الكثير
ما يدور حولنا ، بعد أن اصبحنا لا نعلم اسرار الوطن ، ولا المواطن ، اصبحنا نصدق
الكاذب، ونكذب الصادق، ويؤتمن فينا الخائن، ويخون الأمين..
اليوم وجب علينا أن نعرف متى يجب أن
نتكلم؟،
ومتى يجب أن نصمت؟
متى يجب ان ننتقد؟
ومتى يجب ان نصفق؟
فليس الصياح والعويل دليل حياة،
وليس الرد العشوائي الانفعالي أسلوب
دفاع،
وهنا أتذكر حكمة نطق بها لسان عمر بن
عبد العزيز “رضي الله عنه” لما سُئل: متى تحب أن تتكلم؟ قال: أحب أن أتكلم عندما
أشتهى الصمت، قيل له ومتى تحب أن تصمت؟ قال: أحب أن أصمت عندما اشتهى الكلام،
والمغزى من وراء هذه الحكمة رائع للغاية، خاصة عندما يصدر من صاحب أكبر منصب بدولة
الخلافة، فالكلام عند اشتهاء الصمت سوف يكون مغلفاً بالحكمة، ممزوجاً بالتأني،
محاطاً بالتعقل، ومن ثم يمضى نحو أهدافه بلا إثارة، والصمت عند اشتهاء الكلام وقار
وهيبة، وكبح لجماح مفردات متأججة، ومن ثم تضييق الخناق على بواعث الشر و مكامن
التناحر، وعليه فالصمت على طول الخط سلبية مخيفة، والكلام على طول الخط مصيبة
مزعجة..
لكي لا اسهب اكثر اليوم اصبحنا نشعر ان
الوطن وبكل ما فيه مستهدفا فمن المستفيد!!!! وهل ستفيق شهريار من غفوتها قبل صياح
الديك..
إلى أن يحين ذلك الوقت، سابقا اردد ما
زال على هذه الأرض الطيبة ما يستحق انتظار الغد من أجله. نعم ما زال على هذه الأرض
ما يستحق الحياة والعمل والبناء.