ترى هل نظرت لأمواج البحر يوماً وهي تأخذ عينيك معها صعوداً أو هبوطاً، هذه الأمواج هي ذاتها التي لابد وأن تأخذك معها عندما تكون موظفاً في مؤسسة ما، فتمر بك أوقات تكون فيها منشغلاً حتى عن شرب كأساً من الماء، بينما تهوي بك أوقاتاً أخرى نحو الممل والتململ عندما يكون الركود والروتين سيد الموقف في العمل، لكن الأمر الخطير لا يكمن في أوقات ضغط العمل التي تزداد ثقتك بنفسك فيها لأعلى الدرجات عندما تنجز عملك فيها بالصورة المطلوبة، بل في أوقات العمل الراكدة عندما يتملكك الشعور القاتل الذي يمر به البعض ويؤدي بهم إلى تساؤلات كثيرة تقفز للأذهان أخطرها: هل أنا فاشل ؟ هل إنعدمت إنتاجيتي في العمل ؟ ترى هل الخطأ بطريقة عملي أم بطبيعة جهة العمل، أم ربما أصبح لزاماً علي البحث عن عمل في مكان أو مجال آخر ؟
ومعالجة هذا الشعور السلبي تكون من خلال مصارحة النفس بكل صدق فنسأل أنفسنا صراحة ترى كيف كان الأداء الذي نقوم به في وقت صعود الأمواج وإزدياد ضغط العمل، وكيف كان في المقابل في وقت ركود العمل وسيطرة الروتين عليه، هل إختلف أم أنه بقي بنفس الجودة والمستوى؟
ثم كيف هو إلتزامنا بواجباتنا تجاه عملنا في وقت هبوط الأمواج وركود العمل، وكذلك في وقت صعود تلك الأمواج وسيطرة الضغط عليه، فمن الضروري الحرص على القيام بالواجبات المطلوبة منا بكفاءة "طوال العام" وليس في أوقات ضغط العمل فقط، فقبل التفكير بالحصول على الراتب في نهاية الشهر مثلاً من الضروري التفكير على سبيل المثال أيضاً كيف كان إلتزامنا بأوقات الدوام الرسمية في أوقات "الضجر" و"الملل" حتى قبل الأوقات التي كانت نفسيتنا فيها بأفضل حالاتها.
ومثل ذلك سؤال أنفسنا ترى كم مرة طلب منا المسؤول مهمة ما ولم ننجزها ونتابعها بالشكل المطلوب، فعندما يكون هناك ركود في العمل بالتأكيد لن يكون هذا ذنبك الذي يجب عليك تأنيب نفسك وإهلاكها بسببه، لكن ذنبك بالتأكيد يكون عندما توكل إليك مهمة لا تؤديها بالشكل المطلوب.
لذلك كان من الطبيعي أن لا يستمر أي عمل بنفس المستوى طوال الوقت فتتغير أمواجه صعوداً أو هبوطاً، لكن النجاح الحقيقي يكون عند محافظتنا على أمواج أنفسنا هادئة مستقرة لتأدية الواجبات المطلوبة منا بكفاءة وإقتدار مهما كان تغير الأمواج والأحوال من حولنا بقدر المستطاع.
كما أنه لا يمكن النجاح بذلك بدون العمل بمبدأ "التعامل مع كل يوم في عملنا كأول يوم لنا فيه" مهما مرت علينا فيه من أعوام أو تغير علينا أشخاص فيه، فعندها سنتجاوز بالتأكيد سؤال أنفسنا: هل أنا فاشل، بل وسننجح في رسم جمالية عملنا عندما نعمل بمبدأ "أحب ما تعمل لكي تعمل ما تحب"، وهذا يحتاج الحرص على أمر هام أيضاً ليس في عملنا فقط وإنما في كل شؤون حياتنا بتقييم أنفسنا وعملنا باستمرار قبل إنتظار تقييم من حولنا له، لأن تحسين مستوى ما نقدمه سيكون مبدأ أساسي في حياتنا عندها، ولأجل هذا لا يمكن أن يفوتنا ونحن نختم سطور كلماتنا للعام 2018 أن نحمل أجمل الأمنيات بأن يكون العام الميلادي الجديد 2019 مليئاً بالخير والبركة والسلام والفرح لكل نفس تحمل الخير لها ولغيرها في كل مكان باذن الله تعالى.