القسم : بوابة الحقيقة
كن أنت..!
نشر بتاريخ : 12/4/2018 5:34:19 PM
م. عبدالرحمن "محمدوليد" بدران

بقلم: م. عبدالرحمن "محمدوليد" بدران

 

تخبرنا إحدى الروايات عن رجل أعمال ناجح أصيب بأزمات متتالية سببت له ديوناً متراكمة، جلس ذات يوم حائراً في الحديقة العامة وهو في قمة الحزن، ثم ظهر له رجل عجوز إقترب منه وقال: أراك مهموماً جداً، نظر رجل الأعمال إليه وكأنه كان ينتظر التحدث عن همومه وبدأ يحكي كل ما أصابه، أجابه العجوز: أعتقد أنه يمكنني مساعدتك، ثم سأله عن إسمه وكتب له شيكاً وسلمه إياه ثم قال: خذ هذا المبلغ وقابلني بعد عام في نفس المكان لتعيده لي ثم تركه وانصرف، كان الشيك بقيمة نصف مليون دولار وعليه توقيع (جون روكفلر) وهو رجل أعمال أمريكي كان من أكثر رجال العالم ثراء بين 1839-1937، ويعتبر أهم رجل أعمال في صناعة النفط منذ إنطلاقها في 1859 وقد اشتهر بأعماله الخيرية المتنوعة، أفاق رجل الأعمال من ذهوله ثم نهض في حماس قائلاً: الآن أستطيع حل مشاكلي، ثم قرر أن يسعى لحماية شركته وإنقاذها من الإفلاس دون اللجوء إلى صرف المبلغ والاحتفاظ به كمصدر أمان فقط، وبالفعل إنطلق إلى شركته وبدأ يعمل ويجتهد حتى إستطاع بالعمل والجهد المتواصل تحقيق عمليات مربحة لصالح شركته، ليتمكن خلال بضعة أشهر من سداد كامل ديونه بل والعودة إلى الأرباح والمكاسب من جديد، وبعد مرور عام ذهب إلى نفس المكان ليعيد المبلغ للعجوز، ولم يتمالك نفسه عندما رآه يقترب منه فقام وأعطاه الشيك الذي لم يصرفه وبدأ يحكي له ما حدث له من نجاحات خلال العام دون الحاجة إلى صرف المبلغ، وفجأة وجد الرجل ممرضة تأتي مسرعة وهي تقول موجهة حديثها إلى العجوز: الحمد لله أني وجدتك هنا ثم أخذته من يده وقالت لرجل الأعمال: أرجو ألا يكون قد أزعجك فهو يهرب دائماً من مستشفى الأمراض العقلية ويأتي إلى هذه الحديقة مدعياً أنه جون روكفلر، وقبل أن يتيه رجل الأعمال وسط صدمته أخذ يفكر في كل ما مر عليه وكيف تمكن من إنقاذ شركته بعمل جاد فقط لأنه إقتنع أن هناك نصف مليون دولار خلفه يسندون شركته، وحينها تنهد طويلاً مدركاً في نفسه أن النقود لم تكن من غير حياته للأفضل وإنما الثقة بالنفس والتصميم والإرادة.

 

ولعل تجربة السيد أوسكار تاباريز المدرب الحالي لمنتخب الأوروغواي لكرة القدم تؤكد لنا هذا المعنى، فالرجل الذي تجاوز 70 عاماً يعاني آلام مرض "متلازمة جوليان باري" والذي تلقى بسببه تحذيرات طبية بضرورة الابتعاد عن أي ضغوط جسدية أو عصبية وهو مرض يعرض المصاب به لخطر شلل تدريجي قد يصبح كاملاً على مدار فترة زمنية طويلة، وبرغم ذلك أصر السيد تاباريز على مواصلة تدريب منتخب بلاده والوصول به إلى نهائيات كأس العالم مقارعاً أكبر منتخبات العالم، بل والتقدم به 7 مراكز في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم الأخير.

 

ونتذكر هنا عندما دخلنا قبل عدة أشهر متجراً للبلالين أخذتنا فيه الدهشة، وذلك عندما عرفنا أن مدير المتجر طبيب أسنان لا يعرف الفشل، فبعد عمله 21 عاماً في طب الأسنان ووصوله مرحلة تدريب أطباء الأسنان إختار مجالاً آخر يضع فيه قدراته غير معترفاً بالفشل أو الاستسلام للظروف، مفتتحاً مجاله الجديد بشكل مختلف ومتميز حتى أصبح زبائنه ينتظرون بضاعته بفارغ الصبر !

 

ويدور في فلك السطور السابقة ما تابعناه قبل أيام خلال لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله مع مجموعة من طلاب الجامعة الهاشمية، في لقاء كان ينبض إبداعاً وتميزاً ولا يمكن حصره في طالبة طلبت زيارة قصر الملك والتصور معه بعفوية "إعتبرها البعض سطحية" وتقبلها الملك برحابة صدر الهاشميين المعهودة، فسمعنا ذلك الشاب الذي أنجز 150 ألف تعديل في موسوعة ويكيبيديا رفع من خلالها إسم بلده عالمياً، وفاز بالجائزة الأولى عن مجمع اللغة العربية عن فئة المبادرة اللغوية وأسس بدعم من جامعته نادي المحتوى العربي على الانترنت، وآخر أبدع مع مجموعة من زملائه في تصنيع سيارة إقتصادية صديقة للبيئة تسير بالطاقة الشمسية ومرتبطة بطائرة درون تحمل إسم "هاشمية"، إلى غير ذلك من النماذج الطموحة التي تحدثت في اللقاء من شابات وشباب الأردن ممن يستحقون أن نرفع بهم رؤوسنا عالياً، وهو ما يثبت القناعة بداخلنا في كل مرة بأن جينات التميز والابداع تمتزج ليس بدماء كثير من الشباب الأردني فحسب بل وبدماء كثير من النماذج المشرفة من الشباب العربي شمالاً وشرقاً وغرباً وجنوباً، وهو ما يرسخ قناعتنا التي نحملها منذ زمن طويل بأن إبداعات الشباب تبقى دائماً أكبر ثرواتنا.

 

نعم لا تستخف بنفسك، فعندما تؤمن بأنك تستطيع أن تتميز وتبدع عندما تكون "أنت" عندها ستكون أكبر الثروات، فقط "كن أنت" واثقاً من نفسك ومن قدراتك ولا تضعف أمام عدم النجاح مرات ومرات ورتب أولوياتك دائماً ولا تستعجل النتائج، ولكن لا تنسى أن تجمع تحدياتك ومتاعبك لتجعل منها جسراً تزينه بالصبر والعزيمة وقبل كل شئ بقوة إيمانك بخالقك عزوجل، وكن متأكداً على الدوام بأنك لن تكون خاسراً أبداً في النهاية فبكل الأحوال إن لم تخرج بما تريد ستكسب شخصاً قوياً تعرفه جيداً وتحتاجه دائماً هو "أنت".

 

صفحات اقسام المقالات
كتاب الحقيقة مقالات مختارة
صفحة الكاتب
المزيد من مقالات الكاتب
م. عبدالرحمن "محمدوليد" بدران

حرب الشيطان!

نشر بتاريخ : 11/15/2024 6:38:12 PM

زراعة الإنحطاط ...!

نشر بتاريخ : 9/15/2024 7:03:01 PM

أنت حر..!

نشر بتاريخ : 5/29/2024 3:03:13 PM

لماذا!

نشر بتاريخ : 4/20/2024 7:29:52 PM

ذر الرماد!

نشر بتاريخ : 3/15/2024 5:29:52 PM

إسمه أحمد..!

نشر بتاريخ : 2/17/2024 6:44:38 PM
آخر المقالات المضافة
جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023