بقلم: المهندس مدحت الخطيب
خرجوا من احضان امهاتهم فرحين، الى اخفض بقعه في العالم فكان لهم القدر بالمرصاد..
اطفال في عمر الورد.. ساقتهم الأقدار
من رحلة مدرسية إلى رحلة الموت الأخير.. عزاؤنا واحد، والحزن أحزان يا أردن.. صلاتنا لأجل من راحوا، ولأجل من تمسّكوا بدقائقهم الأخيرة من أجل الحياة، نبكي على بكاء أمهاتهم وابائهم وكل من عرفهم..
لا ندعي ان الحذر يمنع القدر وان تغيير مسار الرحلة هو السبب.. ولن نجلس اليوم لنحاسب المقصرين فهم كثر..
أعلم أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: قال في حديث معاذ الطويل، (أعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطاك لم يكن ليصيبك)، وأعلم أن الحذر لا ينجي من القدر كما قال عليه الصلاة والسلام، ولكن طبيعة النفس البشرية الحرص على كل ماهو عزيز..
.يذكرني ذلك بحادثة قدوم الصحابة على أرض الشام وبقرار عمر بعد مشورة الصحابة ألا يدخلها ويعود من حيث أتى، وذلك عندما علم أنه قد نزل بها الطاعون، فقال أبو عبيدة بن الجراح: "أفرار من قَدَر الله"، فقال عمر: "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة" - وكان عمر يكره خلافه - نعم، "نَفِر من قَدَر الله إلى قدر الله"، أرأيتَ لو كانت لك إبل فهبطت واديًا له عُدْوتان، إحداهما: خِصْبة، والأخرى: جَدْبة، أليس إن رعيتَ الخِصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله". فحذر عمر قد أنجى الصحابة من الهلاك بأرض الشام لكنه لم يخرج عن قدر الله وهذا طبيعي لا عجب فيه! !!
فلو كانت لنا مؤسسات.. ولو كان الإنسان أغلى ما نملك.. ولو تم محاسبة كل المقصرين.. ولو احترمنا القانون وترافعنا عن إستغلال الآخرين.. لكان مصابنا الطف وأقل حتى ولو على الصعيد النفسي..
على أصحاب القرار الوقوف بصدق لاستجلاء الحقيقة، ومحاسبة المقصر كائناً من كان، حرص الدولة على أمن وسلامة جميع أبناء الوطن واجب، ونسج القصص للتقليل من حجم المصاب والتستر خلف القضاء والقدر اثم كبير..
اللهم لا تفجع قلب مؤمن ..
يا رب انزل الصبر والسكينة على قلوب أهالي المتوفين في حادثة البحر الميت.. انا لله وإنا إليه راجعون..