بقلم: فادي محمد الدحدوح
إن الظروف العاصفة بالمجتمعات العربية والإسلامية تكاد تكون فوق الوصف، فوق الكلمات، فوق الألم والجراح.. سيل عاصف من الأمواج الصاخبة تتدفق نحو المجتمعات العربية والإسلامية، إنهيارات كبيرات، أزمات محكمة، كوارث كبيرة تطال الأفراد والمؤسسات والركيزة الأساسية للقيم والبناء.
من هنا يكاد يرى البعض أن لا مخرج من هذا الظلام، وأن القيادة والأفراد قد طمست ولا مفر من الانهيارات المتتابعة للمجتمعات، من هنا تأتي نافذة الضوء الأكيدة التي يجب استثمارها استثمار شجاعة الأسود في ساحات الحرب.. إنها القيادة الاستراتيجية مصدر الابتكارات والريادة الحقيقية، والإبداع وتحقيق الأهداف المنشودة.
ومن هذا المنطلق يجب على مؤسساتنا الأكاديمية أن تحرص على بناء القائد الاستراتيجي، وعلى الدولة وأركانها أن تؤسس لمرحلة القيادة الاستراتيجية، والعمل لاستقطاب الكفاءات الإدارية المبدعة وتنمية قدراتهم لمواجهة المشكلات في الظروف الطارئة ومواجهة التحديات المستقبلية بتفكير إبداعي ورؤية مستقبلية تأخذ في حسبانها التغيرات المحيطة بما يمنح المجتمعات القدرة على تحديد أهدافها المستقبلية، ومجالات نموها وانتشارها.
القيادة الاستراتيجية هي العنصر القادر على ادخال واحداث التغيير والتطوير في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ويعود للقيادة الاستراتيجية السبب في تفوق المجتمعات الاخرى على أخرى وذلك كونها تفهم مغزى الأحداث دون التأثر بظواهر الامور، ولديها القدرة على إنجاز القرارات بالسرعة الممكنة دون أن يمنعهم الخطر المتوقع.
إن القيادة الاستراتيجية تتطلب مستويات عالية من إعمال التفكير العقلي المنظم والتضحيات ومشاركة أفراد المجتمع في تحقيق الأهداف المهمة والقيم المشتركة وتستخدم الالهام والرؤى المشتركة، والقيم لرفع القائد والفرد إلى مستويات التفكير والتحفيز والروح المعنوية من خلال دفع الأفراد إلى مضاعفة جهودهم لتحقيق الأهداف المشتركة.
ويركز القادة الاستراتيجيون على إدارة التعيير الجذري من خلال التحكم في التعلم المستمر للأفراد والجماعات عن طريق اجراء التجارب والمجازفة والتغيير، ومن ناحية أخرى فإن القادة الاستراتيجيون يسعون إلى تشجيع الثقافة المفتوحة والبنى العضوية والنظم القابلة للتكيف والإجراءات المرنة وهذه صفات تسهل تطبيق التغيير، وتنمي التعلم.
وأخيراً إن مهام القائد الاستراتيجي ليست بالسهلة في ظل الظلام الشديد الذي يعصف بالمجتمعات العربية والإسلامية، لا بد من التخطيط ووضع البرامج والسياسات المستقبلية ورسم السيناريوهات والتكتيكات لمشاكل قد تحدث وتصميم أساليب العمل، وهذا بدوره يحتاج لقيادة استراتيجية تتمتع بدرجة كبيرة من الخبرة والابداع والرؤية المستقبلية وتشارك المرؤوسين وتمارس عملية القيادة بكافة جوانبها الانسانية والعملية.
مسك الختام: من الضروري تأمين قادة استراتيجيين على مستوى المجتمعات العربية لديهم من القدرة في صياغة وتنفيذ الاستراتيجيات التي تمكن من تحقيق النتائج المرجوة والتغلب على الظلام الشديد الذي يعصف بكل أركان المجتمعات والأفراد؛ حيث يعتبر ذلك من العوامل المهمة في العودة للنهضة المجتمعية والريادة العالمية للأمة العربية والإسلامية.