بقلم: المحامي فراس ملكاوي
الاستفتاء الشعبي هو بمثابة حق النقض الذي تملكه الشعوب في نقض أي قرار أو قانون أو اتفاقية دولية تصدر عن السلطة التنفيذية أو التشريعية ذات تأثير مباشر على مستوى حياة شعبها وإستقراره.
أما الاستبيان فهو أداة من أدوات البحث التي تستخدم بشكل كبير في البحوث العلمية والهدف الاساس من الاستبيان هو الحصول على عدد من المعلومات والتي تتعلق بأحوال الناس( والإستبيان أنواع فالإستبيان المغلق وتكون الاجابة على الاسئلة الواردة فيه (بنعم أو لا) .
أما الإستبيان المفتوح الذي يترك حريه للمشارك بالاجابة بطريقته ولغته ومستوى فهمه للسؤال اما الاستبيان المغلق المفتوح وهو مزيج بين النوعين السابقين .
ومزايا الاستبيان عديده منها حرية المشارك بالاجابة لكونه لا يذكر إسمه ، والإستبيان يوفر الوقت والجهد والمال على الباحث كما يؤدي الى سهولة تجميع المعلومات .
ويؤخذ على الاستبيان العديد من العيوب كعدم قدرة أفراد العينه على فهم عدد من الاسئلة بسبب وجود كلمات غريبة أو سوء في صياغة السؤال بحسن نية ...!!! كما أن الاجابة متصله بمستوى فهم السؤال من شخص لاخــــر ... وإن الاجابة على الاستبيان لا تتسم بالجدية .
والاستبيان واحد من الدوات الناجحة بل وأكثرها شيوعاً في البحث العلمي الذي يضع أدوات ومفاتيح لتحليل المعلومات الواردة في الاستبيان وصولاً الى نتائج علمية يخلص بها الباحث على شكل توصيات وهى متغيرة من وقت لأخر .
إن فكرة الاستفتاء هنا لا أقدمها كوسيلة تشريعية إذ لابد من وجود قاعدة دستورية تضفي عليها صفة المشروعية كمصدر من مصادر التشريع ، أما وأن النظام التشريعي الاردني لا يركن الى الاستفتاء بأي حال من الاحوال كمصدر لسن القوانين ولا حتى في التعديلات الدستورية رغم أهميتها وضرورة عرضها على الشعب كما لم يأخذ النظام القانوني الاردني بعرض الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي كانت الأردن طرفاً فيها مثل إتفاقية وادي عربة أو إتفاقية الغاز او دخول الاردن كطرف في أي من الأتفاقيات التي تمس بالضرورة الحياة العامة مثل دخول الاردن في حلف عسكري ما او مجلس التعاون الخليجي مثلاً .
فأنني هنا أطرح فكرة الاستفتاء كأداة قياس لمستوى الرضا الشعبي عن رغبة الحكومة الجامح لتعديل قانون ضريبة الدخل تحت مبررات كان الشعب قد رفضها في تظاهرة شعبية إستمرت لمدة أسبوع أدت الى إستقالة حكومة الملقي وسحب مشروع قانون ضريبة الدخل في عهد حكومة الرزاز الحالية .
وبما أن الأعلان الصريح لرأي الشارع وموقفه الرافض لأية تعديلات على قانون ضريبة الدخل ربما لم يكن مفهوماً بالشكل الكافي وربما وجد دولة الدكتور عمر الرزاز الخطأ من حكومة الملقي تجسد في أسلوب وطريقة عرض القانون وليس في بنود ومواد القانون الجائر .
فتراجع دولته خطوات إعلامية ظاهرية لكسب التأييد الشعبي واحتواء الشارع ، ليعود بعرض القانون المرفوض بأسلوب ناعم يعتمد على تمرير القانون من خلال إيجاد مسوغات استشارية تمثلت في تقديم القانون من خلال ( إستبيان ) لجمع معلومات من عينة معينه ليصار لاحقاً لعقد مؤتمر صحفي ليحدثنا به دولة رئيس الوزراء عن نتائج الاستبيان الصادمة بلغة الارقام والنسب المئوية والدراسات الإكتوراتية ، فمثلاً سيعلن عن نتائج الاستبيان بأن ( 65% ) من العينة التي شاركت ترى ضرورة تعديل التشريع الضريبي و ( 70% ) من العينه ذاتها لا تجد في التعديل الضريبي مساساً بالطبقة الوسطى من الشعب.
ويحضرني هنا التصريحات الإعلامية الحكومية التي سبقت رفع الدعم عن الخبز والتي جاء مفادها (( إن الاردنيين أستهلكوا خمسة مليون رغيف من الخبز في عاصفة إلكسا ...!!! )) وطبعاً لا داعي لأحدثكم عن موقف مجلس الامة بشقيه الاعيان والنواب اتجاه هذه السيناريو المتوقع .
ولذلك كخطوة إستباقية لوقوع كارثة قانون ضريبة الدخل وإنطلاقاً من الاحساس العميق بالمسؤولية أقترح على الحكومة اللجوء الى استفتاء رأي الشارع بدل الاستبيان كنظام استشاري أو مقياس في أية قرار يمس أمن المجتمع بمفهومه الشامل .