حازم عياد
ثلاث اخبار اقتصادية تحمل خلفيات سياسية تصدرت عناوين الاخبار الاقتصادية مخلفة ظلال قاتمة على مسار النمو الاقتصادي العالمي، ورافعة من منسوب الشكوك بإمكانية تفجر ازمة اقتصادية عالمية بل حربا اقتصادية ضروسا.
الازمة الاولى كان بطلها بنك دويتشه الالماني الذي يعاني من شكوك حول قدرته على توفير 14 مليار دولار لسداد غرامات ومصروفات قضائية في الوليات المتحدة الامريكية، ما ادى الى تراجع اسهم البنك بمقدرار 8%، علما انه واحد من خمسة بنوك كبيرة في المانيا بلغت ارباحه 41 مليار يورو في العام 2005.
ازمة البنك اثارت المخاوف في الاسواق المالية العالمية، خصوصا في اوروبا لصالح امكانية تكرار ازمة بنك ليمان برذرز الامريكي، وفاقمت من المخاوف حول تفجر مزيد من الازمات داخل الاتحاد الاوروبي.
في المقابل فإن انضمام اليوان الصيني احتل موقع الصدارة في الاخبار بعد الاعلان عن انضمامة لسلة العملات والاحتياطات الدولية لدى صندوق النقد الدولي، امر اشعل بدوره المخاوف حول تداعيات ذلك على الاقتصاد الصيني وعلى التجارة العالمية في ظل حرب العملات غير المعلنة مع الولايات المتحدة الامريكية، امر زاد من حدة المخاوف وحالة انعدام اليقين في الاسواق الدولية.
الخبر الثالث الذي لا يقل اهمية عن سابقية كان تعطيل الكونغرس الامريكي لفيتو الرئيس اوباما على قانون جاستا لرفع الحصانة عن الدولح الامر الذي استهدف المملكة العربية السعودية احد اكبر مصدري النفط في العالم واهم المستثمرين في الولايات المتحدة الامريكية؛ ما هدد بتجميد اصولها واموالها في امريكا، مزعزعا الاتفاقات الدولية الروسية الايرانية السعودية بمعية اوبك لتجميد انتاج النفط وضبط اسعاره.
التحولات الثلاثة متزامنة بشكل مذهل وعلى الرغم من التطمينات المقدمة من الدول المنخرطة فيها الا انها تشير الى امكانية تشكل مناخ اقتصادي عاصف يدخل العالم في ازمة جديدة متراكمة هيليا وبنيويا.
في الحالات الثلاث نجد الولايات المتحدة طرفا مهما، فقضية دويتشة بانك وازمته ناجمة عن ملاحقات قضائية امريكية، فقانون جاستا قانون امريكي بامتياز واخيرا فإن اليوان كعملة دولية يأتي في سياق رغبة الصين في التحرر من القيود الاقتصادية الامريكية لتضاف الى سلة العملات العالمية على امل التحرر من هيمنة الدولار، بربط عملتها بواقع اقتصادها ونموها وتجارتها لا بواقع الاقتصاد الامريكي وحيويته.
المتغيرات الثلاثة لها طابع سياسي، في ظاهرها ازمات ذات طابع قانوني واقتصادي، الا انها في جوهرها حقائق سياسية، تعبر عن تغير المزاج في الولايات المتحدة الامريكية، فهل يخفي المزاج الامريكي العكر ازمة اقتصادية داخلية مختبئة في ثنايا الاقتصاد الامريكي ام رغبة قوية في استعراض قوتها واستعادة نفوذها؟
فأمريكا باعتبارها قوة اقتصادية متعددة الاذرع مشتبكة بقوة مع كل الملفات السالفة الذكر، معززة ذلك بسياسات الطاقة الخاصة بها التي فجرت ازمة الصخر الزيتي على شكل نفط وغاز يحدد سقوف الانتاج وسقوف الاسعار العالمية.
ما يعيدنا الى السؤال الاساسي: هل هي ازمة امريكية مختفية بين ثنايا المشهد المتأزم، ام انها مواقف ايدولوجية، ام مجرد صراعات قانونية وتعديلات في المنظومة الاقتصايدية العالمية باتت ضرورة ملحة؟
من الممكن ان يصدق الامر على الصين باعتبارها فاعلا مهما، الا ان الموقف المتعنت من البنوك الاوربية وعلى رأسها الالمانية ومن المملكة العربية السعودية يشير الى تخبط سياسي وقانوني الى جانب كونه تخبطا سياسيا وايدولوجيا، سيكون لها اثار عميقة على العلاقات الدولية ومنسوب الثقة بين القوى الدولية والاقليمية، فالازمات الثلاث ما هي الا صدى لتحولات اقتصادية وسياسية واجتماعية في الولايات المتحدة الامريكية التي بات اكثر عدائية وصدامية مع محيطها الدولي.
عن السبيل