نشر بتاريخ :
28/04/2025
توقيت عمان - القدس
12:16:57 PM
توصل فريق
بحثي دولي، بعد متابعة دقيقة لصحة مئات الأفراد منذ ولادتهم في عام 1959 وحتى
بلوغهم سن الحادية والستين، إلى نتائج مقلقة حول التأثيرات المدمرة للعادات غير
الصحية على المدى الطويل.
وركزت الدراسة
الشاملة على عادات ضارة مثل التدخين، والإفراط في تناول المشروبات الكحولية، وقلة
ممارسة النشاط البدني، ورصدت العلاقة الوثيقة بين هذه السلوكيات وتطور الاضطرابات
الصحية الجسدية والنفسية على مر العقود.
وكشفت نتائج
المتابعة الطويلة الأمد أن أولى المؤشرات الواضحة للتدهور الصحي تبدأ في الظهور
بشكل جلي عند سن السادسة والثلاثين لدى الأشخاص الذين اعتادوا على ممارسة هذه
العادات الضارة في فترة شبابهم. وتبين أن هؤلاء الأفراد كانوا أكثر عرضة للإصابة
بالأمراض المختلفة والاكتئاب بشكل ملحوظ، مقارنة بأقرانهم الذين تبنوا نمط حياة
صحي منذ الصغر.
وأكدت
الدكتورة تيا كيكالاينن، الباحثة في جامعة لوريا بفنلندا وأحد المشاركين في
الدراسة، على الأهمية القصوى لمعالجة السلوكيات الصحية الخطرة في وقت مبكر من
العمر، موضحة أن "نتائج دراستنا تبرز بشكل قاطع أهمية التدخل المبكر لتقليل
تراكم الأضرار الصحية بمرور الوقت وتجنب العواقب الوخيمة في مراحل لاحقة من
الحياة".
وكشف فريق
البحث أن لكل عادة غير صحية آثارها السلبية الخاصة على الصحة: فقد ارتبط التدخين
بشكل وثيق بضعف الصحة النفسية وزيادة خطر الإصابة بالاضطرابات العقلية، بينما
ارتبط نقص النشاط البدني بتدهور ملحوظ في مستوى اللياقة البدنية العامة. أما
الإفراط في تناول الكحول فقد تبين أنه مرتبط بتراجع شامل في كل من الصحة العقلية
والجسدية للأفراد على المدى الطويل.
وأشارت
النتائج إلى أن تأثير هذه العادات السلبية يزداد حدة وتراكمًا كلما طال أمد
ممارستها. فعلى سبيل المثال، يساهم التدخين في زيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة
وأمراض القلب القاتلة، في حين تؤدي قلة الحركة وتناول الكحول بكميات مفرطة إلى
أمراض فتاكة مثل فشل الأعضاء الحيوية والسكتة الدماغية والنوبات القلبية المميتة.
وعلى الرغم من
أن العديد من الدراسات السابقة قد ركزت على تأثير هذه السلوكيات الضارة في منتصف
العمر، فإن هذه الدراسة الجديدة، التي نُشرت نتائجها في مجلة Annals of Medicine، تميزت بتناولها لبدايات تشكّل هذه العادات
السيئة وتتبع آثارها السلبية منذ سن الشباب وحتى مراحل الشيخوخة.
ولفت الباحثون
إلى أن العلاقة بين تبني العادات السيئة وتدهور الحالة الصحية قد تكون علاقة
متبادلة ومعقدة، حيث يمكن أن يؤدي الاكتئاب أو المشاكل الجسدية الأولية إلى تبني
سلوكيات ضارة كالتدخين أو قلة الحركة أو الإفراط في شرب الكحول كمحاولة للتكيف أو
الهروب من هذه المشاكل.
كما أوضحت
الدراسة أن نتائجها تنطبق بشكل أكبر على الأفراد الذين وُلدوا في أواخر الخمسينيات
وأوائل الستينيات من القرن الماضي، في حين أن أنماط الحياة ومصادر الخطر قد تختلف
بشكل كبير في الأجيال الجديدة، خاصة مع ظهور سلوكيات جديدة مثل تدخين السجائر
الإلكترونية التي لم تكن موجودة في تلك الفترة.
وأشارت
الدراسة في ختامها إلى أنها لم تتناول جميع جوانب نمط الحياة التي يمكن أن تؤثر
على الصحة، مثل النظام الغذائي أو تعاطي المخدرات غير المشروعة، مما يفتح المجال
واسعًا أمام إجراء المزيد من الأبحاث الشاملة في المستقبل لاستكشاف هذه الجوانب
بشكل أعمق.
الحقيقة
الدولية – وكالات