نشر بتاريخ :
08/04/2025
توقيت عمان - القدس
9:30:54 PM
توصلت دراسة علمية حديثة إلى نتائج
مفاجئة تشير إلى أن صحراء الربع الخالي الشاسعة في شبه الجزيرة العربية لم تكن
دائمًا أرضًا قاحلة كما هي اليوم، بل كانت في الماضي البعيد موطنًا لنظام بيئي غني
بالبحيرات والأنهار الكثيرة.
وتوضح الدراسة، التي نشرت نتائجها في
مجلة Communications Earth & Environment،
أن المنطقة شهدت فترات متكررة من "الاخضرار" نتيجة لفترات هطول أمطار
غزيرة، أدت إلى تشكل بحيرات وأنهار واسعة النطاق قبل حوالي 9 آلاف عام. وقد ساهمت
هذه الظروف المناخية المواتية في ازدهار المراعي والسافانا، مما سمح بهجرة
واستقرار التجمعات البشرية في المنطقة حتى عاد الجفاف ليجتاحها مرة أخرى، مما أجبر
السكان على الانتقال بحثًا عن بيئات أكثر استدامة.
وتسلط هذه الدراسة الضوء على التأثير
العميق للدورات المناخية الطبيعية على تشكيل المناظر الطبيعية وتاريخ المجتمعات
البشرية في هذه المنطقة.
وتعد صحراء الربع الخالي واحدة من أكبر
الصحاري الرملية في العالم، حيث تمتد على مساحة تقارب 650 ألف كيلومتر مربع، وتشكل
الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية، وتتميز بكثبانها الرملية الشاهقة التي يصل
ارتفاعها إلى 250 مترًا.
وقد قام فريق دولي متعدد التخصصات من
عدة جامعات ومؤسسات بحثية، بقيادة الدكتور عبدالله زكي والأستاذ سيباستيان
كاستيلتورت من جامعة جنيف في سويسرا، والأستاذ عبدالقادر عفيفي من جامعة الملك
عبدالله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية، والبروفيسور مايكل
بيتراغليا من جامعة غريفيث في أستراليا، بتوثيق وجود بحيرة قديمة وأنهار ووادي
كبير تشكل بفعل تدفق المياه في قلب الربع الخالي.
وأوضح الدكتور زكي أنه "بناءً على
سلسلة من التأريخات الزمنية، يبدو أن البحيرة بلغت أقصى اتساع لها قبل حوالي 9000
عام خلال فترة 'الجزيرة العربية الخضراء' الرطبة التي امتدت من 11000 إلى 5500 عام
مضت. وتقدر مساحة البحيرة بأنها كانت هائلة، حيث غطت مساحة 1100 كيلومتر مربع، أي
ما يقارب ضعف مساحة بحيرة جنيف، ووصل عمقها إلى 42 مترًا".
وأضاف البروفيسور كاستيلتورت أنه
"بسبب زيادة هطول الأمطار، انفتحت البحيرة في النهاية، مما تسبب في فيضان
كبير أدى إلى نحت وادي بطول 150 كيلومترًا في أرض الصحراء".
ويرجح العلماء أن مصدر الأمطار
الموسمية التي أغدقت على المنطقة في تلك الحقبة الزمنية كان ناتجًا عن الرياح
الموسمية الإفريقية، كما تشير إلى ذلك الرواسب التي يمكن تتبعها على مسافة 1100
كيلومتر، تمتد من جبال عسير على طول البحر الأحمر، بالقرب من قارة إفريقيا.
وأكد البروفيسور بيتراغليا أن البحث
أظهر أن الأمطار لم تكن ضعيفة أو متقطعة، بل كانت في بعض الأحيان غزيرة وشديدة،
مما أدى إلى تغيرات سريعة وواسعة النطاق في المشهد الطبيعي للربع الخالي.
وتابع أن "تشكيل البحيرات
والأنهار، إلى جانب انتشار الأراضي العشبية والسافانا، كان من شأنه أن يؤدي إلى
توسع جماعات الصيد وجمع الثمار والمجتمعات الرعوية عبر ما هو الآن صحراء جافة
وقاحلة".
وأكد البروفيسور بيتراغليا أن
"هذا ما تؤكده الأدلة الأثرية الوفيرة المكتشفة في الربع الخالي وعلى طول
شبكات بحيراته وأنهاره القديمة. وبحلول 6000 عام مضت، شهد الربع الخالي انخفاضًا
حادًا في هطول الأمطار، مما خلق ظروفًا جافة وقاسية، أجبرت السكان على الانتقال
إلى مناطق أكثر ملاءمة وغيرت نمط حياة المجتمعات البدوية".
الحقيقة الدولية - وكالات