لليوم الحادي والسبعين على التوالي، تواصل قوات الاحتلال عدوانها الشامل على مدينة طولكرم ومخيمها، بينما يرزح مخيم نور شمس تحت وطأة الحصار والقصف لليوم الثامن والخمسين، وسط تعزيزات عسكرية مكثفة وتصعيد ميداني غير مسبوق.

وشهدت محافظة طولكرم صباح اليوم إضرابًا عامًا وشاملاً، شلّ كافة مناحي الحياة، وذلك تضامنًا مع صمود الفلسطينيين في قطاع غزة، ورفضًا للعدوان الغاشم وجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال أمام أنظار العالم.

ودفعت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى مدينة طولكرم ومخيميها، ونشرت فرقًا من المشاة بأعداد كبيرة داخل أزقتها وحاراتها، حيث اقتحمت المنازل وعبثت بمحتوياتها وأطلقت الرصاص الحي بشكل عشوائي. وترافق ذلك مع سماع دوي انفجارات متقطعة في مخيم طولكرم، خاصة بعد منتصف الليل، مما بث الرعب في قلوب السكان.

وتواصل قوات الاحتلال تمركزها في العديد من المنازل داخل المخيمين، حيث حولت بعضها إلى ثكنات عسكرية بعد طرد سكانها قسرًا. كما انتشرت آليات الاحتلال العسكرية في محيط المخيمين، وفرضت عليهما حصارًا مطبقًا، مانعة الدخول والخروج إلا بتصريح وتحت رقابة مشددة.

وفي تصعيد ميداني جديد، أجبرت قوات الاحتلال عددًا من سكان منطقة جبل الصالحين على إخلاء منازلهم، ليضافوا إلى مئات السكان الذين أُجبروا بالفعل على النزوح قسرًا من مخيم نور شمس تحت وطأة العدوان المتواصل والحصار المشدد الذي ألحق أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية والممتلكات، بما في ذلك عمليات هدم وتفجير وحرق واسعة النطاق.

وأفاد شهود عيان بأن جنود الاحتلال طاردوا الفلسطينيين أثناء محاولتهم العودة إلى منازلهم في مخيم نور شمس لتفقدها وأخذ بعض متعلقاتهم الشخصية، كما احتجزوا عددًا من الشبان لفترات طويلة تعرضوا خلالها للتنكيل والضرب والتهديد بزرع الخوف والرعب في نفوسهم.

وفي الوقت نفسه، انتشرت قوات الاحتلال بشكل واسع داخل مخيم طولكرم في إطار التصعيد المستمر الذي طال كافة حاراته، والذي بات شبه خالٍ من سكانه بعد تهجيرهم قسرًا. وتحول المخيم إلى منطقة منكوبة خالية تمامًا من مظاهر الحياة الطبيعية، وذلك بعد التدمير الممنهج للبنية التحتية وتخريب وهدم وحرق المنازل والمنشآت المدنية.

وتواصل قوات الاحتلال استيلائها على منازل ومبانٍ سكنية في شارع نابلس والحي الشمالي لمدينة طولكرم، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، مع تمركز آلياتها في محيطها. وتقوم قوات الاحتلال بالتضييق على حركة تنقل الفلسطينيين في الشارع، حيث أغلقت أجزاء منه بسواتر ترابية في كلا الاتجاهين، مما يعيق حركة المرور ويعزل الأحياء عن بعضها البعض.

وفي سياق متصل، اقتحمت مدرعات الاحتلال من نوع "ايتان"، فجر اليوم، المدخل الجنوبي لمدينة طولكرم قادمة من مستعمرة "افني حيفتس" مرورًا بشارع شوفة، وتمركزت عند بوابة جسر جبارة، قبل أن تتوجه إلى شارع الكفريات وتقتحم قريتي كفر صور وكفر جمال، ومن ثم تتجه نحو قرى محافظة قلقيلية، مما يشير إلى توسع محتمل للعدوان.

وقد أسفر العدوان المتواصل على مدينة طولكرم ومخيميها حتى الآن عن استشهاد 13 فلسطينيًا، بينهم طفل وامرأتان إحداهما حامل في شهرها الثامن، بالإضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، ونزوح قسري لأكثر من 4000 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، إلى جانب عشرات العائلات من الحي الشمالي للمدينة بعد الاستيلاء على منازلهم وتحويل عدد منها إلى ثكنات عسكرية.

كما ألحق العدوان دمارًا شاملاً بالبنية التحتية وممتلكات الفلسطينيين، حيث تعرضت المنازل والمحلات التجارية والمركبات للهدم الكلي والجزئي والحرق والتخريب والنهب والسرقة. ووفقًا لتقارير محلية، دمر الاحتلال 396 منزلاً بشكل كامل و2573 منزلاً بشكل جزئي في مخيمي طولكرم ونور شمس، بالإضافة إلى إغلاق مداخل وأزقة المخيمين بالسواتر الترابية، مما يعيق حركة السكان ويضاعف معاناتهم.

الحقيقة الدولية - وكالات