القسم : بوابة الحقيقة
حرب الرسائل في الازمة السورية
نشر بتاريخ : 2/17/2018 1:23:33 PM
د هايل ودعان الدعجة
بقلم: د. هايل ودعان الدعجة

رغم ما يقال عن اندحار تنظيم داعش في سورية ، فانه لم يلاحظ وجود مساع جدية لتحريك المسار السياسي في الملف السوري ، وبدا ان الصراع قد انتقل من صراع بين الاطراف السورية (قوات النظام ومسلحي المعارضة ) والمدعومة من قوى دولية واقليمية ، الى صراع بين هذه القوى الخارجية . حيث باتت الأمور تأخذ مسارا او شكلا اخرا أساسه التطورات في مواقف القوى الدولية والاقليمية لجهة فرض حالة سياسية تتوافق والادوار او الأوراق التي تمتلكها وتسعى الى توظيفها واستخدامها على طاولة التفاوض ، لترجمتها الى مناطق نفوذ تعزز من حضورها ومكاسبها في المشهد السوري . ما أدى الى وجود صعوبات ومعيقات في طريق مسارات التسوية في جنيف واستانا وسوتشي ، التي لا يراد لها ان تخرج بنتائج تشي بوجود طرف منتصر يسعى الى فرض اجنداته ومصالحه على حساب الاطراف الأخرى، ما يفسر الظهور المفاجئ للولايات المتحدة مؤخرا عبر تقديمها ورقة سياسية للمبعوث الدولي الى سوريا ستفان دي ميستورا ، ومحاولتها تشكيل قوة امنية غالبيتها من عناصر كردية على حدود سورية مع تركيا والعراق ، وتعطيلها ( افشالها ) مسار سوتشي ، لخلط الأوراق ورفض تفرد روسيا التي باتت تدرك انها ليست الوحيدة في المشهد السوري . وبدا ان نطاق الصراع بين هذه الأطراف يميل الى التوسع ، طالما ان المطلوب هو فرض حقائق ميدانية تعزز من المواقف التفاوضية . حتى بات من غير المستغرب ان نشاهد حرب رسائل بين القوى الدولية والإقليمية في الساحة السورية . حيث تم اسقاط الطائرة الروسية من قبل مسلحي المعارضة السورية في أدلب بصاروخ ( أميركي ) محمول على الكتف ، أظهر المخاوف الروسية من التطور الذي طرأ على نوعية الاسلحة التي تمتلكها المعارضة ، والتي يعتقد ان مصدرها اميركيا ، وبطريقة باتت تهدد الطيران الروسي ، وتجعل روسيا تشعر بوجود تحديات ومخاطر جديدة قد تؤزم موقفها وتحرجها وتدفع بها الى إعادة حساباتها السياسية والعسكرية . كذلك فقد استهدفت القوات الأميركية عناصر موالية للنظام السوري في مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في شرق نهر الفرات الغنية بالنفط والغاز ، لتأكيد وجودها في هذه المنطقة الحيوية . إضافة الى ذلك فقد تم اسقاط طائرة إسرائيلية اف 16 ( صناعة أميركية ) من قبل مضادات أرضية سورية ، وبضوء اخضر من روسيا  ، كما يقال ، وذلك ردا على اسقاط طائرتها في ادلب بضوء اخضر أميركي . بطريقة قد تؤدي الى تغيير موازين الصراع وقواعد اللعبة والاشتباك وتوتير الأجواء في المنطقة الحدودية السورية الإسرائيلية في ظل هذا التطور في منظومة الدفاع الجوي السورية التي ستجعل الطائرات الإسرائيلية في مرمى هذه المنظومة ، ما يمكن اعتباره علامة فارقة في تاريخ التفوق الجوي الإسرائيلي ، الذي على ما يبدو سيعاني من التصدع ، بحيث لم يعد له اليد الطولى في الأجواء السورية .ما يعني تغيير تفاهمات روسيا مع الكيان الإسرائيلي الحليف الأميركي ، وهي التفاهمات التي منحت الجانب الإسرائيلي حرية الحركة فوق سورية منذ التدخل الروسي في الازمة السورية . 

وهناك أيضا اسقاط مروحية تركية في ادلب من قبل الوحدات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة التي على ما يبدو ارادت توجيه رسالة الى تركيا بعدم الذهاب بحربها ابعد من عفرين ، كأن تفكر باستهداف منبج ومناطق سيطرة الاكراد شرق الفرات ، والتي تعتبرها الولايات المتحدة مناطق نفوذ لها . وهناك الطائرة الايرانية بدون طيار التي اسقطتها إسرائيل بسبب اختراقها مجالها الجوي . ما يعكس المخاوف الإسرائيلية من ان يتحول جنوب سورية الى جنوب لبنان جديد على وقع التمدد الايراني في سورية واقترابه من حدودها الشمالية ، وتزويدها حزب الله بأسلحة متطورة في ظل حالة القلق التي تنتاب الجانب الاسرائيلي من سعي ايران الى نشر منظومة صواريخ من الساحل اللبناني الى جنوب سورية ،وانشاء قواعد عسكرية في سورية ومصانع صواريخ في سورية ولبنان لحساب قوات النظام السوري وعناصر حزب الله . ما يشكل اختراقا للخطوط الحمراء التي حددتها اسرائيل في تعاطيها مع الازمة السورية .

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023