القسم : مقالات مختاره
يحدث في لبنان.. الآن!
نشر بتاريخ : 7/26/2017 11:33:48 PM
محمد خروب
 
محمد خروب

المعركة الدائرة في ما يوصف في لبنان بـ»جرود عرسال»، وهي منطقة حدودية ذات أهمية استراتيجية، نجح ارهابيو جبهة النصرة وداعش في احتلالها والتمركز في جبالها الشاهقة الارتفاع والوعرة التضاريس، ما منحهم بعض الثقة بانهم في مأمن من التصفية والاقتلاع، وبالتالي باتوا يُشكِّلون خطرا ماثلا على حدود لبنان الشرقية، في الوقت ذاته الذي استفادوا فيه من اللعبة الطائفية والمذهبية، التي تبرعت الطبقة السياسية والحزبية المُتحكِّمة في لبنان باستثمارها واللعب على اوتارها، بمزيد من شحن الغرائز وتصعيد التوتر، وبخاصة ان عرسال أكبر بلدة لبنان سكاناً ومساحة جغرافية واهاليها من الطائفة السُنيّة.

نقول: المعركة الدائرة الان في تلك المنطقة يوشك «الفصل الاول» منها على الانتهاء، بعد ان نجح حزب الله بدعم لوجستي وتنسيق غير مسبوق مع الجيش اللبناني، رغم معارضة تيار المستقبل الذي يرأسه سعد الحريري رئيس الحكومة، وقوى اخرى في ما كان يسمى فريق 8 آذار وفي مقدمتهم سمير جعجع وحزبه الموصوف القوات اللبنانية، ناهيك عن بعض الشخصيات «خفيفة» الوزن السياسي والتأثير مثل فارس سعيّد الذي بات بلا «وظيفة» بعد ان انفرط عِقد قوى 14 آذار وتغيرت موازين القوى وخريطة التحالفات مع وصول الجنرال ميشال عون الى قصر بعبدا، وهو من اكثر المتحمسين للعملية العسكرية الجارية والهادفة في الاساس الى اقتلاع التكفيريين من تلك المنطقة الحدودية ذات الاهمية الاستراتيجية، وإزالة الخطر المقيم والماثل على لبنان,، الذي يمثله وجود ارهابيي داعش وجبهة النصرة «فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام لمن نسي او تناسى» ما هي جبهة النصرة او هيئة تحرير الشام في تسميتها.. الاخيرة.

ارهابيو النصرة في حال انهيار والهزيمة النهائية مسألة وقت، قد لا تتعدى ساعات اليوم الواحد، خاضها رجال المقاومة من الجانب اللبناني والجيش السوري وبخاصة سلاحه الجوي من الجانب السوري للحدود المشتركة، ولم يعد السؤال هل هُزِموا؟ بل متى يرفعون الراية البيضاء بعد تلاشي قوتهم العسكرية وفقدانهم السيطرة على عناصرهم وهروب او مصرع معظم قادتهم، الامر الذي يطوي صفحة النصرة، ليتم بعد ذلك فتح صفحة «داعش»، الذي يسيطر على ساحات اكبر من تلك التي كانت تهيمن عليها النصرة، وإن كان مصير داعش لن يختلف عن المصير الذي انتهت اليه النصرة، بل ثمة من يقول: بان مفاوضات او وساطات تجري لإخراج تكفيريي داعش من تلك المنطقة، بدون اسلحة ثقيلة او متوسطة والتوجه الى إدلب او غيرها (بعد: ان ضاقت مناطق سيطرة داعش، فلم تعد لهم سيطرة سوى على الرقة «المُحاصَرة» وبعض البلدات التي في طريقها الى السقوط بأيدي الجيش السوري).. وسيكون المشهد اكثر وضوحا في الايام القليلة المقبلة، بعد اعلان هزيمة النصرة وانفراط احتمالات «تحالفهما» ضد المقاومة والجيش اللبنانيين، ما يزيد من احتمالات «قبول» داعش بالرحيل دون قتال، وان كان يحاول تحسين شروط تفاوضِه وبخاصة ان لديه جنودا لبنانيين تم اختطافهم قبل سنتين ونيف، أعدَمَ بعضهم واحتفظ بالباقين (عددهم سبعة) ناهيك عن ان هامش مناورته العسكرية قد يكون اكثر إتساعاً من الهامش التي تمتعت به.. النصرة.

ما يلفت الانتباه هو ردود الفعل في الساحة اللبنانية على ما يدور في جرود عرسال، ومواقف النخبة السياسية والحزبية منها، إذ ظهر بوضوح ان الذين رحبوا ببدء المعركة لتحرير المنطقة الحدودية مع سوريا، هم اكثر عددا ونفوذا واهمية ميدانية، من تلك القوى التي وجدت نفسها «معزولة» وغير قادرة على إشِهار معارضتها العلنية لمعركة تحرير كهذه، تستهدف، ضمن امور اخرى، إجتثاث خطر الارهابيين على لبنان وشعبه، وقطع دابر التفجيرات والاغتيالات والسيارات المفخخة وتهريب الأسلحة والخلايا النائمة وبخاصة في مخيمات النازحين، التي اراد «كارهو»النظام السوري في لبنان استغلالهم كورقة ضغط لإيذاء سوريا والرهان عليهم لمواصلة استنزاف الجيش السوري وخصوصا حزب الله، الذي كان تصويبهم عليه طويلا ومبكرا منذ انخرط رسميا في الازمة السورية، وبخاصة عندما حرّر مدينة القصير من الإرهابيين بمشاركة الجيش السوري، ما اعتُبر وقتذاك، بأنه نقطة تحوّل في مجرى الحرب التي اندلعت في سوريا وعليها، ولم يعد امام هؤلاء سوى مواصلة دعوة الحزب الى «الانسحاب» من سوريا وان مشاركته ليست موضع اجماع (..) في لبنان وغيرها من الترّهات والتفاهات التي يخترعها هؤلاء، لتغطية تواطئهم وتآمرهم على الدولة والشعب في سوريا. وكان ردّ الحزب دائماً...سنكون حيث يجب ان نكون.

صحيح ان رئيس الحكومة سعد الحريري اعلن دعمه للجيش اللبناني، بعد ان لم يعد بمقدوره منع»المعركة» او حتى وقفها، وإن كان انصاره وتياره واصلوا التصويب على الحزب واعتبار ما يقوم به مجرد «اوامر إيرانية»، الا انه صحيح ايضا ان الدعم الشعبي الواسع ومن مختلف الطوائف اللبنانية، قد قطع الطريق على بقايا فريق 14 آذار المندثر، كي يستثمروا في معاناة مخيمات النازحين او يواصلوا اللعب على الوتر المذهبي في عرسال، وبخاصة ان اهالي بلدة عرسال في معظمهم قد ابدوا ارتياحهم لمجريات المعركة التي ستُحرِّر اراضيهم وسهولهم من داعش والنصرة بعد ان استوليتا عليها ومنعتهم من العمل فيها,، وايضا وهذا الاهم ان تحرير «الجرود» على جانبي الحدود، سيُمكِّن النازحين السوريين من العودة الى بلادهم، بعد ان امعن عنصريو لبنان، في إيذائهم وبعد ان وصلت عملية ابتزازهم وإذلالهم والمتاجرة في معاناتهم... ذروتها.

kharroub@jpf.com.jo

عن الرأي


جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023