الهلال الأحمر الفلسطيني: استشهاد 14 من طواقمنا منذ بداية العدوان على قطاع غزة صندوق اسكان موظفي الامانة يصدر دفعة جديدة لمستحقي القروض خارجية السلطة: (إسرائيل) بدأت تدمير رفح دون إعلان تجنبا لردود الفعل الدولية 43.4 دينار سعر الذهب عيار 21 بالسوق المحلية برنامج تركيب أنظمة الخلايا الشمسية للقطاع المنزلي يشهد اقبالا متزايدا من المواطنين ويقارب على الانتهاء الصحة بغزة: 93 شهيدا خلال 24 ساعة وارتفاع حصيلة العدوان إلى 31,819 شهيدا الدفاع المدني يخمد حريق داخل مشغل دهانات وأخشاب في العاصمة الجمارك تتابع الية انسياب البضائع واستمرارية سلاسل التوريد شهيدة وإصابات في قصف الاحتلال بناية سكنية في مدينة غزة غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة في غزة الاحتلال يعتقل مواطنين من رام الله الاحتلال يعتقل ثلاثة مواطنين من الخليل الاحتلال يعتقل خمسة مواطنين من جنين الاحتلال يقتحم مخيم بلاطة أرقام مفزعة عن سوء التغذية بغزة والأمم المتحدة تحذر من جوع كارثي

القسم : مقالات مختاره
نصارحكم: الصحافة الورقية مهددة بالإغلاق
نشر بتاريخ : 6/18/2017 12:32:21 PM
حسين الرواشدة

حسين الرواشدة

بلا مقدمات او ديباجات، نريد، اقصد الصحفيين الغيورين على مهنتهم، ان نبرئ ذمتنا أمام الله والتاريخ والناس، ونصارح المعنيين في بلدنا بأن الصحافة الورقية مهددة بالخطر، وتكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة، ليس لأنها استقالت من مسؤوليتها او قصرت بحق جمهورها، وانما لأنها وجدت نفسها «وحيدة» ويتيمة، فقد خذلها المسؤولون الذين كانت تشاركهم في خدمة البلد، بل وتعمدوا «خنقها» بمقررات وسياسات مجحفة، وكأنها لا تمثل مؤسسات وطنية تحتاج للدعم والمساندة، وقبل ذلك لحقوقها التي ضاعت في الادراج.

على مدى نحو نصف قرن، ظلت الصحافة الورقية (الرأي والدستور تحديداً) تحمل قيم الدولة ومبادئها، وتتبنى هموم الناس وقضاياهم، ورغم العواصف التي مرّت بها في ظل حكومات حاولت ان تنتزع منها حريتها واستقلاليتها الاّ انه ظلت «صامدة» على حدود المهنة الشريفة، باعتبارها الناطق باسم الوطن والمدافع عن وجوده وحدوده، والضمير الحيّ الذي لا يباع ولا يشترى بأي ثمن.

الآن، تغيرت الصورة، وأصبحت هذه الصحف تعاني من ازمة خانقة، افقدتها قدرتها على الحركة والالتزام بواجبها تجاه موظفيها، صحيح ان ما يحدث كان جزءاً من محنة الصحافة الورقية في العالم، وربما لأسباب أخرى تتعلق بعدم قدرة إدارات الصحف على تطوير ذاتها، لكن الصحيح هو ان الدولة وقفت متفرجة أمام ما يحدث، بل وساهمت في تعميق الازمة من خلال إصرارها على السياسات والمقررات التي تعاملت مع هذه المؤسسات وكأنها مؤسسات «ثانوية» او طارئة، وليست من اذرعها المهمة.

يمكن ان نناقش القضية بعمق حين ندقق فقط في عنوان «الاستثمار» الذي توليه الحكومات المتعاقبة أهمية خاصة، وتمنح أصحابه إعفاءات وامتيازات لا حصر لها، فيما يتم ادراج المؤسسات الصحفية تحت عنوان «القطاع الخاص»، ويطلب منها ان تقلع اشواكها بيديها، والحقيقة غير ذلك تماما ،فالمؤسسات الصحفية ملك للدولة، ومؤسسات استثمار وطنية، يفترض ان تحظى أسوة بغيرها بالإعفاءات والامتيازات التي تساعدها على ان تقف وتصمد وتطور نفسها ايضاً.

الأمثلة على ذلك عديدة، وقد سبق لنقابة الصحفيين ان رفعتها كمطالب الى الحكومة، فالإعلان الحكومي لا يعامل في الصحف على أسس تجارية وانما على أساس الكلمة، حيت يبلغ سعرها (25 قرشا) وهي لا تغطي الكلفة، واعلانات وزارة العدل توزع بصورة غير عادلة على الصحف، واشتراكات الحكومة في الصحف ما زالت دون الحدّ المقبول، كما ان مدخلات انتاج الصحف من ورق واحبار وقطع غيار لا تخضع للإعفاءات وما زالت تعاني من ارتفاع  الضرائب لدرجة انها أصبحت عاجزة الان على سدادها، خاصة فيما يتعلق بأسعار الكهرباء التي تتعامل مع الصحف بمنطق تجاري دون مراعاة اسوة بغيرها من المؤسسات الاستثمارية او حتى الخدمية.

لماذا تتعامل الدولة مع الصحافة الورقية بمنطق «الخنق»، او عدم الاهتمام على الأقل؟ ربما يعول البعض على «البديل» الذي تمثله المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي لكن هل يمكن لأحد ان يقنعنا بأن هذه الوسائل الجديدة قادرة على حمل رسالة الدولة، او حفظ الذاكرة الوطنية، الا يعترف هؤلاء بأن هذه الفضاءات الإخبارية لا يمكن التحكم فيها، وان القوانين ما زالت عاجزة عن ضبطها من حالة الفوضى التي تعانيها، ربما يعتقد اخرون ان الصحافة الورقية انتهت صلاحياتها، وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، وبالتالي لا فائدة من اسعافها، هذا غير صحيح فلا يوجد دولة في العالم بلا صحف ورقية، ولا بديل يمكن ان يملأ فراغها، تماما كما حدث للإذاعة حيت ظهر التلفزيون، وللتلفزيون حين ظهرت شبكات الانترنت، كل هذه الوسائل بقيت الحاجة اليها قائمة، كما ظلت تعمل جنباً الى جنب .

مهما كانت الذرائع والمبررات،  تبقى ثمة أسئلة مهمة، منها اين سيذهب «مئات» الصحفيين وعائلاتهم اذا أغلقت الصحف أبوابها، وماذا عن «المأساة» الإنسانية التي يعاني منها هؤلاء على صعيد معاشاتهم وظروفهم الصعبة بعد ان ظلوا صامدين لأعوام على حدود مهنتهم؟ ثم هل ستخسر المهنة فقط من غياب الصحف التي تمثل مدارس إعلامية ام ان بلدنا سيخسر ايضاً اذا غابت هذه «الاحبار» الشريفة وقرر الصحفيون اعتزال مهنتهم، ثم هل تعجز الدولة التي تنفق الملايين على بعض المؤسسات المتعثرة ان تخصص جزءاً من هذه الأموال لمساعدة «صحفها» المملوكة في معظمها لها؟ ثم الا تستدعي الازمة (المحنة ان شئت) التي تمر بها الصحف الورقية من الدولة ان تتحرك بأي شكل لإنقاذها ادارياً ومالياً؟ 

بكلمة واحدة: محاولة «خنق» الصحافة الورقية سيكون أسوأ قرار يمكن ان نتخذه، ليس فقط لأن هذه الصحف كانت وما زالت لسان الدولة  والناطق باسم ضميرها العام، وانما لأن لغيابها وحشة سيلمس الجميع آثارها، وسيدفع الجميع ضريبتها ايضاً.

عن الدستور

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023