صلاح يقنع زميله في ليفربول بتغيير عادته الغريبة قبل المباريات مصرع 45 شخصاً في سقوط حافلة من فوق جسر بجنوب أفريقيا 120 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى تعرف إلى مخالفات العمل المشمولة بقانون العفو العام اليونيسف: 1.7 مليون فلسطيني بغزة نزحوا داخلياً كريستيانو ينفجر غضبا.. هل تعمد مدافع برشلونة تجاهل رونالدو في مباراة البرتغال لندن: متظاهرون ضد الحرب على غزة يحتلون مدخل وزارة التجارة فريق عربي واحد ضمن قائمة أفضل الأندية العالمية العدل الدولية تأمر "إسرائيل" بضمان دخول المساعدات لغزة دون معوقات مندوبا عن الملك وولي العهد... العيسوي يشارك في تشييع جثمان مدير المخابرات الأسبق طارق علاء الدين عدوان صهيوني على ريف دمشق إربد.. مدرسة الملك عبدالله الثاني تفوز بميداليتين في مهرجان دولي للتكنولوجيا الاحتلال يعدم أكثر من 200 نازح في مجمع الشفاء الطبي مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر خبر مؤلم لجماهير ريال مدريد.. حسم مستقبل لوكا مودريتش بشكل نهائي

القسم : مقالات مختاره
الأسباب الثابتة للأسعار المتصاعدة
نشر بتاريخ : 2/20/2017 12:14:41 PM
عبد الحميد المجالي



عبد الحميد المجالي

في عام  1977م ـ وكنت لا ازال محررا مستجدا في دائرة الاخبار بالاذاعة ـ اطاح وزير الاعلام  بمدير الاخبار بطريقة سادها الغضب والعصبية ، والسبب هو ان نشرة اخبار الساعة الثانية ظهرا تضمنت خبرا ورد من وكالات الانباء العالمية عن انخفاض اسعار البترول عالميا . وحجة الوزير ، ان مدير الاخبار يجب ان يعرف ان الحكومة تنوي رفع اسعار المحروقات ، ومثل هذا الخبر يضعف من حجتها  في تبرير الرفع  . وبعد ذلك  غابت اخبار هبوط اسعار النفط عن نشرات الاخبار لفترة طويلة . 

اذكر هذه الحادثة من اجل ان اقول ، ان رفع الاسعار في الاردن ليس جديدا او يتعلق بحكومة معينة ، بل يمتد لعقود قد تقترب من عمر المملكة ، حيث كانت تضطر خلالها الحكومات لرفع الاسعار من اجل تصحيح المالية العامة للدولة التي تتاثر سنويا بالخلل  الدائم في معادلة الموارد والسكان . حيث الموارد المحدودة تبقى ثابتة في حين يزداد عدد السكان ومطالبهم ، كما يزداد الامر سوءا مع تدفق اللاجئين من الدول العربية المضطربة امنيا ، وهو ما يضاعف  الخلل في المعادلة المذكورة . 

علينا ان نعترف ان بلدنا يعيش منذ انشائه ازمة اقتصادية ومالية اصبحت مزمنة ويتعمق استيطانها  في البلد لان احدا لم يحاول تشخيص هذه الازمة و ايجاد حلول جذرية لها ، بل ان ما تقوم به الحكومات هو مجرد اجراءات لمعالجة النتائج الظاهرة والسطحية  للازمة ، متجاهلة اسبابها الحقيقية ، وهي ضعف الموارد وسوء ادارة ما هو متوفر منها  .

لقد اعتمدت الموازنة العامة للدولة خلال العقود الماضية على موردين رئيسيين وهما : الاول : فرض الضرائب والرسوم على مواطني الدولة لزيادة الايرادات والثاني : طلب المساعدات المالية من الدول الشقيقة والصديقة . وكلا الامرين الاول والثاني مر مرارة العلقم ، لان الاول يضاعف من حالات الفقر بين المواطنين ويوسع الهوة بينهم وبين  الحكومات بل ويضعهما على طرفي نقيض ، والثاني يفقد الدولة هيبتها ، كما يفقدها جزئيا او كليا استقلال قرارها السياسي على الصعيدين الداخلي والخارجي . فلا احد في هذا العالم يعطي منحا ومساعدات بلا ثمن . 
كيف لم تحاول الحكومات معالجة الازمة الاقتصادية المزمنة في البلاد جذريا واكتفت بمعالجة مظاهرها السطحية ؟

هناك دول عديدة في هذا العالم تفتقد للموارد وفي وضع اسوا من الاردن في هذا المجال ، ولكنها استطاعت ان تجد حلولا جذرية لمشكلتها الاقتصادية واصبحت الان من الاقتصاديات المهمة في العالم .

سنغافوره جزيرة اسيوية تخلو من اي موارد طبيعيه ، استقلت عن ماليزيا عام 1965وكان معظم سكانها يعيشون في بيوت من الصفيح . سخر لها الله زعيما عبقريا يدعى” لي كوان “ اراد ان يصنع سنغافورة جديدة وحدد رؤيته واهدافه وبدا بالعمل على اساس شعار رفعه وهو “ المحاكاة الصناعية للغرب والتمايز الثقافي عنه “ وركز على ثلاثية عمل على تطبيقها بحزم واخلاص ومتابعة وهي “ الاستقرار السياسي ، الانضباط الاخلاقي وثقافة العمل “ وبعد سنوات استطاع ان يعبر بسنغافوره الى عالم الحداثة ، وهاهو المواطن السنغافوري يحظى بمعدل دخل سنوي يعتبر من اعلى الدخول في العالم ، رغم ان بلاده بلا موارد طبيعية .

كوريا خرجت في عالم 1953 من حرب مدمرة ،  لكن اهلها قرروا النهوض من تحت الرماد.  وخططوا لذلك وحددوا اهدافهم بالتوجه نحو التصنيع المتدرج باعتباره الحل الوحيد لبلد يخلو من الموارد . ونفذوا بكفاءة واخلاص ماخططوا له بعد ان نقلوا التكنولوجيا او سرقوها ـ لافرق ـ من اليابان واوروبا وامريكا ، لكنهم صنعوا كوريا جديدة  تملأ صناعاتها منازلنا وشوارعنا ونتباهى  بامتلاكها كمستهلكين  . 

ماليزيا لها حكاية اخرى صنعها مهاتير محمد ورفاقه في سنوات قليلة ، عندما حددوا هدفهم بالقول  “ نريد ان نصنع من ماليزيا امة عظيمة “ .وهناك تجارب اخرى في العالم كالتجربة الصينية والتركية وغيرها .

كيف اضعنا كل هذه السنين ولم نحاول مجرد المحاولة ان نصنع بعضا مما صنع هؤلاء البشر ؟.

اعرف اننا لانستطيع ذلك ، فثقافة العمل والنزاهة والانضباط الاخلاقي ليست جزءا من ثقافتنا . اننا شعب كغيرنا من العرب نفضل سوق عكاظ على بناء منشاة صناعية او اختراع تكنولوجيا جديدة .

الحل في استدعاء خبراء من هذه الدول صاحبة التجارب الرائدة لدراسة وتشخيص الحالة الاردنية ووضع الحلول لها ، على ان تسند مهمة تنفيذ  هذه الحلول  الى مؤسسات عابرة للحكومات ، ويديرها خبراء في الادارة نظيفوا اليد والعقل ، ويعملون تحت رقابة تحاسبهم على نسبة تنفيذ هذه الحلول .

قد يكون لدى غيرنا حلول اخرى ، فالمهم ان تخرج هذه الحلول الى الوجود ، لان تجاهل جوهر الازمة سيزيد الوضع سوءا عاما بعد عام ، وستضطر الحكومات القادمة كما هي السابقة والحاضرة ، الى الاستمرار في رفع الاسعار وعندها من الصعب توجيه اللوم لها ، لانه ليس هناك حلول اخرى لدعم الميزانية.  لكن ماذا ستكون اوضاع الشعب بعد ذلك ، وما هو حجم الفجوة بينه وبين حكوماته في ظل ازمة اقتصادية مزمنه تأكل ما وراءها من انجازات وما امامها من تطلعات ؟ 

عن الدستور

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023