القسم : بوابة الحقيقة
المسائل العظيمة 3
نشر بتاريخ : 7/25/2021 8:22:48 PM
د. قصي الرحامنة

لست أدري كيف خطرت هذه المسألة ببالي ولكن ربما لانها تصادفت مع زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه إلى أمريكا وما نقرأ من كلام معيب بالتحامل على الأجانب(أمريكا ) وإسناد كل الشر الحائق بهذه المملكة إليهم .

والكل يوافقني الرأي بأن موضوع الأجانب وموقفنا أمامهم لا يحتاج في حد ذاته إلى تذكير وتفكير فإننا كيف إلتفتنا نجد أثراً من أثارهم ففي البيوت والشوارع والأسواق والفنادق نجد شيئاً منهم أو حديثاً عنهم ،وبالجملة فإنهم في نصب الأعين دائما  في الظعن والمقام .

مررت اليوم على الجسر فمال طرفي نحو رأسه فإذا هنالك حركة عظيمة وآلات وأدوات ولما بلغت الرصيف تذكرت ان هذا من عمل الاجانب وفي مشهد أخر أرى البواخر والسفن والطائرات هي من عمل الاجانب وأثناء تجولي في المدينة فرأيت من عملهم سيارات تجيء وتؤوب وتلك الكهربائيات وصولا الى أجهزة الحواسيب والهواتف النقالة والانترنت وكذلك المجال الطبي العظيم وصولا الى إسكشافات لقاح فيروس كورونا (19) كلها من عمل الاجانب (أمريكا:ممثلو الغرب والعولمة والحداثة وما بعدها وهو المثير للإعجاب دوما) ، ثم راح فكري يتنقل في مرائي ما عمل لنا الاجانب من تقريب السحيق القصيّ، وتذليل الصعب العصيّ ، إختراع العجيب السنيّ، وإبداع المستلذّ الهني ، وما راعني إلا التفاتة أثناء هذه الخواطر إلى آثار ما عملنا ، نحن معشر العرب فلم يكن امامي شيء من ذلك مرئي ، ولا شيء مسموع ، وسبحت سبحة طويلة في أسباب تدهورنا بعد سمو ، وأسباب سموهم بعد تدهور .

وأنني لا أستطيع التثبت أن بين البشر كثير من صور التفاصل والتواصل ، ففي تفاصلهم تصبح كل نفس منهم أجنبية عن الاخرى وفي تواصلهم تغدو الملايين منهم كنفس واحدة ، ويقول قائلون ان التواد بيننا وبينهم مستبعد الحصول وفريق آخرون يرون أنه مستبعد ، أما أنا فأكتفي بأن أخذ من الواقع هذا النص :وهو أنه منذ وجدت العلاقات بيننا وبينهم لم تقم على مودة حقيقة ، وأنما كانت تحدث مساعدات و معاونات من الأجانب أحيانا لهذه الدولة ولكن بأثمان سياسية باهظة جداً  فوجدت أن السياسية كانت أعظم ما أحتاج اليه هؤلاء البشر في أدوار أطوارهم وأطوار أدوارهم ، فأننا كما نرى للتآلف أسباباً وآثاراً طبيعية نرى للتنافر أسباباً وآثاراً طبيعية ، فالانسان مضطر بين هذه وتلك إلى مدافعة أسباب التنافر وآثاره بين المتآلفين والاخذ بأسباب التآلف بين المتنافرين، وهذا هو أصل السياسة .بيد ان هنالك مسألة جديرة بالإمعان وهي أن هذه الدولة كان قد أتى عليها فيما سلف من الضعف ما بلغ بها شفاء العدم ثم كان انتعاشها على يد الأجانب ، فكيف نعدُّهم بعد ذلك أعداءً؟ والجواب أن الحالة التي بيننا وبين الأجانب لا تسمى في الحقيقة عداوة ولا يصح أن تسمى صداقة ، وانما هي من نوع ما يسمى "تنازع البقاء" وما نعني بالبقاء هنا وجود حكومة لنا وانما نعني بقاء ما يميز الحكومة التي لنا من وجود أختيار و إرادة لها أمامهم وهذا هو الذي ينازعوننا عليه ، التنازع الذي أشرنا اليه ظاهر لا ينكر ، فلذلك تأتي بعض صحفنا أحياناً بذم الأجانب حين يتراءى لها من قبلهم شيء من آثار ذلك التنازع ، أما نحن فنرى من المعيب المجازفة بإسناد كل شيء مما نحن فيه إلى الأجانب فنراهم يوسعون ويصححون رابطة الاخاء الانساني العام بوجود تلك المنظمات(منظمات حقوق الأنسان) التي تجول في كل أنحاء العالم وتقدم الدعم والمساعدات لكل دولة هي بحاجة ذلك .

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023