القسم : بوابة الحقيقة
تفسير الاحداث بعقلية المؤامرة
نشر بتاريخ : 3/31/2021 2:29:33 PM
د هايل ودعان الدعجة

ما كنا لنجد تحليلا او تفسيرا لبعض الظواهر التي باتت تفرض نفسها في ساحتنا المحلية والعربية تحديدا ، ونحن نتابع كتابات وتحليلات البعض تعليقا او تعقيبا على ما يحصل من احداث وحوادث يأبى الا وان يضعها في دائرة المؤامرة التي لا تحتاج الى ادلة او قرائن ،  متأثرا بالعقد التي يعاني منها ويريد من غيره الانجرار خلفه وتصديقه وتبني وجهة نظره . الامر الذي يتضح عند وقوع حدث او حادث معين هنا او هناك ،  وسرعان ما يعزي اسبابه الى وجود مؤامرة من ورائه ، كما هو الحال بالتشكيك بجائحة كورونا وتوابعها من سلالات ولقاحات  او بجنوح سفينة الحاويات العملاقة بقناة السويس واغلاقها ، او عند سقوط طائرة وفيها شخصية او شخصيات مهمة او اي حوادث او اشكاليات من هذا القبيل ، دون ان يعطي اي احتمال بان يكون سبب ذلك القضاء والقدر مثلا او خطأ بشري او فني او عامل من عوامل الطبيعة او اي سبب اخر ..

فتجده يختلق السيناريوهات والروايات مدعيا انها حوادث مقصودة ومفتعلة وان هناك ايادي خفية وراءها  ، وغالبا ما تكون دولة او دول بعينها ، لتستفيد منها سياسيا او اقتصاديا او ماليا او عسكريا ، مطلقا العنان لخياله الواسع في التجول والبحث عن موقف قد ينسج منه روايته ، ويبدأ بتعميمها وتسويقها على شكل خبر او تحليل من نسج خياله ومن موقع المحلل والعارف بالامور المتأثر بهستيريا المؤامرة والاجواء التأمرية حتى خيم الشك والوساوس على تفكيره كحصيلة لعقدة النقص التي تمكنت منه وان هناك من يتربص به ويضمر له الشر ويحاول النيل منه والسيطرة عليه ، مما يدفع به الى توجيه هذه الاحداث في مسارات وهمية ليس لها وجود على ارض الواقع . وهو ما يجعل هذا البعض يربط كورونا وحتى حادثة سفينة الحاويات العمالقة في قناة السويس بالمؤامرة .. فاذا بها  تنتشر وتجد هناك من يصدقها لان هناك ارضية مهيأة لتقبل هذه الخرافات والخزعبلات طالما اننا ما زلنا نعتقد ونرى في كل حادث او حدث مؤامرة .. في كل تطور او تغير مؤامرة .. وطالما اننا شعوب محبطة ومأزومة ، ونعاني من الشعور بالعجز عن مواجهة الواقع وفهمه .  لذلك فساحتنا مستباحة وليس هناك اسهل من اختراقها واغراقها في الاشاعات والادعاءات والخرافات حتى انك لا تميز بين متعلم وغيره .. لا بل ان هذه الاختراقات اكثر ما تحدث وتجد بيئتها في اوساط الفئات المتعلمة التي لم تخلُ هي الاخرى من الانقياد خلف الوهم والخديعة .

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023