فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا في العثور على جثامين أحبائهم المفقودين زفيريف يودع بطولة ميونخ للتنس ساعدت الحوثيين.. عودة سفينة تجسس إيرانية إلى البلاد بعد 3 سنوات من إرسالها مقتل شخص شمال العراق بهجوم نفذته مسيرة تركية إطلاق عاصفة الكترونية رافضة تمديد بيع الخمور بعد منتصف الليل هنية يصل إلى تركيا على رأس وفد من قيادة الحركة التنمية تضبط متسوّل يمتلك سيارتين حديثتين ودخل مرتفع بحوزته 235 دينارا في الزرقاء "القدس الدولية": منظمات متطرفة ترصد 50 ألف شيكل لمن يقدم "القربان" في الأقصى استشهاد طفل برصاص الاحتلال في مخيم طولكرم الصفدي في اتصال مع نظيره الإيراني: الأردن لن يسمح بخرق اجوائه من قبل ايران او (إسرائيل) نائب محافظ البنك المركزي المصري: ملتزمون بسعر صرف مرن روسيا.. أكبر مورد للنفط إلى الهند للعام الثاني على التوالي منغوليا تدفن 7 ملايين رأس ماشية مصر تعتزم خفض أسعار الخبز غير المدعم بما يصل إلى 40% "الاتحاد للطيران" تعلن عودة رحلاتها إلى العمل بصورة طبيعية

القسم : بوابة الحقيقة
فُكَنً عنا..."طفح الكل"
نشر بتاريخ : 11/19/2019 4:59:04 PM
الدكتورة تغريد أبو سرحان

تؤكد البحوث الحديثة في مجال العنف، أن العنف الاسري عامة و العنف بين الأزواج خاصة يحدث بوجود عوامل خطورة كثيرة من أهمها الفقر، البطالة، انعدام الأمان، الامراض النفسية والعقلية، قلة التعليم، الظروف الاجتماعية غير المستقرة، و غيرها، وكون العنف جريمة يعاقب عليها القانون في كثير من الحالات فقد فسرتها كثير من النظريات العلمية ولعل أقربها لحالة العنف في مجتمعاتنا العربية نظرية التعلم الاجتماعي Social Learning Theory لعالم النفس المعرفي الاجتماعي البرت بأندورا و التي تبنى على فكرة أن الانسان يتعلم من خلال  انخراطه في سياق معين أو بيئة اجتماعية محددة وذلك من خلال تطويره لسلوك يشبه ما يلاحظه في سلوكيات الاخرين في بيئته المحيطة، وهذا الطرح العلمي بالطبع سيسوقنا إلى فهم سلوك الأزواج العنيف تجاه الزوجات وبروز هذه الظاهرة بشكلها المرعب هذه الأيام وفي ظل عوامل الخطورة أعلاه خاصة ما يتعلق بالظروف الاجتماعية والاقتصادية الضاغطة التي يعيشها الأردن و المحيط.

في عمق الجرح وفي ذروة تغول القوي على الضعيف، والبصير على الاعمى تخرج علينا مخمليات الطرف فازعات لان امرأة فقئت عيناها على يد المفترس زوجها والذي ما هو الا كائن تعلم سلوكه الوحشي من سلوكيات لاحظها في محيطه قد تكون ربت فيه مشكلات نفسيه او عقد سلوكيه انحرفت به عن بوصلة البشر والإنسانية ليمارس ما مارس ضد شريكة حياته وأمام أبناءهما، وكأن المخمليات كن بانتظار هكذا حدث حتى يخرجن معتصمات يرفعن شعارات ترجم معظمها حرفيا عن شعارات غربية دون أي جهد في تكييف تلك الشعارات مع لغتنا العربية او البيئية مثل : "لا للسلطة الابوية" و المترجمة حرفيا من شعار “No for the Patriarchal authority”  في حين هن يقصدن لا للسلطة الذكورية الا اذا فعلا يقصدن التخلص من سلطة الأب بنموذجه الاعم وليس النموذج السلبي الشاذ وهذا حينها موضوع اخر.  

لست ضد النخبة في الدفاع عن حقوق المرأة في الأردن ولا عن تولي مهمة تصدر الواجهة وتقديم أنفسهن ممثلات عن كافة الطبقات النسائية في المجتمع رغم جهل بعضهن بكثير من مكونات الاسر وظروف النساء الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والاسرية في القرى والمخيمات والمناطق النائية، مع إقراري بأن بعض من جيل المخمليات العتيق خدم بعض القضايا بحق، والان ورغم سوء التسويق وانعكاس ذلك سلبا على أحوال وأشكال الدعم المقدم للنساء في الأردن بشتى أشكاله المادي والمعلوماتي والخدماتي، فلا تزال المرأة المخملية تعزز ثقافية العدائية بين الرجل والمرأة وتصور الرجل عدوا عنفها فقط لأنه ضد جنسها ورغم أن هذا السبب هو أحد ما تطرحه الجندرية الا أن خصوصية مجتمعاتنا تفرض علينا ان لا نختزل العنف الموجه للمرأة في الأردن بالسبب الجندري أي الإساءة للمرأة بسبب جنسها كأنثى وإغفال الأسباب التي لها علاقة بالمسيء حيث أن في هذا الاختزال ظلم كبير للنساء وإقصاء لأنظار صانعي السياسات و مقدمي الخدمات عن أسباب العنف الاسري و العنف ضد المرأة الكثيرة والتي أحدها فقط السبب القائم على الجنس، كما أن النظر للزوج المجرم كجان فقط فيه ضياع لإنصاف حق الاسرة وحق المرأة أولا، وفيه عدم جدية لإيجاد حلول للأسباب الكثيرة التي قد تكون دفعت هذا الزوج لفعل ما فعل من جريمة قذرة بحق زوجته، أعني كيف نجد الحلول وكيف سنوفر حلول وقائية لجرائم أخرى مماثلة مستقبلا؟ إن دراسة المسيئين من حيث خبراتهم، ثقافاتهم، بيئاتهم، ظروفهم الاقتصادية والمهنية، مشكلاتهم النفسية و العقلية، تعاطيهم العقاقير او الكحول، كل هذا سيسهم بحل مشكلة العنف ضد المرأة، مخاطبة المرأة لوحدها لن يحل المشكلة وتوجيه التوعية لها وحدها لن يساعد في القضاء على العنف ضد المرأة، و بالطبع الوقفات والاعتصامات لن تجلب الا تسليط الضوء على شخصيات معينة كحاملة راية للدفاع عن المرأة أو لجلب مزيد من المنح والدعم المالي الأجنبي الذي يوظف جله في الزيارات للدولة المتقدمة في مجال مكافحة العنف ضد المرأة والمؤتمرات في الفنادق ذات الخمس او سبع نجوم والتي تنتهي بتوصيات توضع في أدراج المكاتب منسية يعلوها الغبار، او لتغيير مواد قانونية أثبتت الأيام وتتابع الجرائم عدم نجاعة الغاءها تماما كما حصل بعد  الغاء المادة رقم 340 حيث لم يوقف الغاءها استمرار جرائم قتل النساء بالأردن تحت مسمى الشرف وكذلك الغاء نص المادة رقم 308 من قانون العقوبات الأردني والتي لم يغير الغاءها من حقيقة زواج شريكي جريمة الاغتصاب القانون بالتراضي ولكن هذه المرة خارج المنصات الرسمية ومؤسسات الدولة ليحل المجتمع مشاكله بنفسه بعيدا عن القانون كما كان يحصل قبل الغاء النص حيث كانت تضمن مؤسسات الدولة، خاصة المحاكم ومؤسسات انفاذ القانون الأخرى كحماية الاسرة، الحماية للمرأة. 

تكرس المخمليات الثقافة الجندرية المعادية للمرأة وتؤذي قضية المرأة أكثر مما تناصرها عندما تتصدر المشهد رافضة العنف ضد المرأة كونه عنف ضد المرأة وليس عنف ضد الانسان وقد تجاوزت نسويات العالم المعاصر هذه الإشكالية منذ عقد من الزمن حيث بات النداء الان مكرسا لمحاربة العنف ضد المرأة كونه موجه لإنسان لا لامرأة Women’s Rights are Human Rights، وإذا خرجت المناضلات في عمان من هذه البوتقة ورفعن شعارات تدافع عن المرأة كونها إنسان فإني أجزم انهن سيتجنبن كثيرا من النقد والهجوم خاصة الذي يطلقه الرجل لأنه يشعر بالإقصاء عن هذه القضية لا بل العكس هو يشعر انه العدو ذو السلطة الذكورية وليس شريك وجزء من حل قضية عنف ضد إنسان، في العالم المعاصر أيضا هناك دمج للأطفال الذكور و الرجال في كل الأنشطة والبرامج الموجهة للوقاية من العنف ضد المرأة الا هنا ترفع المخمليات شعارات مستفزة ليس للرجال فقط وانما للنساء المناصرات لقضايا الجندر الا اذا كان هناك فهم خاطئ لدى النخبة حول ما هو الجندر الذي يعالج هموم المرأة والرجل على حد سواء، فشعار "شرفك لحالك" وغيره من الشعارات السطحية التي رفعنها "النسويات" السبت الماضي لا يمت للعدالة الجندرية بصلة.

جهود جبارة تبذل بصمت من قبل بعض مؤسسات الدولة الخاصة والحكومية وسأطرح مثالين فقط هنا في هذا المجال هما إدارة حماية الاسرة والمجلس الوطني لشؤون الاسرة، لكن هذه المؤسسات خاصة إدارة حماية الاسرة لن تستطع التصدي لمشكلة العنف الاسري عامة و العنف ضد المرأة خاصة الا بتضافر جهود أخرى كثيرة ودعم موجه لكوادرها سواء كان حوافز معنوية، أو زيادة بعدد مقدمي الخدمة بحيث يتناسب وعدد الحالات التي ترد يوميا للإدارة فمن غير المعقول أن تقابل الاخصائية ما معدله خمس حالات يوميا وتبقى على درجة عالية من المهنية ، كذلك تحتاج الكوادر العاملة في قضايا العنف الاسري عامة والعنف ضد المرأة والطفل خاصة تدريب ممنهج دوري وعلمي على أفضل الممارسات العالمية في تقديم الخدمات وفي تخفيف الضغوطات عن العاملين مع ضحايا العنف الاسري لتجنب الاحتراق المهني الذي يعانيه مقدم الخدمة في ضوء الحالات العديدة التي يقابلها الاخصائي يوميا، كما يجب ان تكرس الجهود الكثيرة لتوفير برامج حقيقية للدعم النفسي للناجيات وأسرهن خاصة أبناءهن، ولا نغفل البرامج والتدريب والتأهيل الحقيقي للمسيء في القضايا الاسرية خاصة ونحن نعي انه سيعود سريعا للانضمام للأسرة في كثير من القضايا، وفي الوقت الذي لا زال دور المؤسسات الإعلامية ضحلا في التوعية وتغيير اتجاهات أبناء المجتمع وغرس الموروث الثقافي الإيجابي مثل "الرجل الحقيقي لا يضرب امرأة ولا طفل"، ولو استبدلنا برامج الطبخ ببرامج لها علاقة بمهارات التواصل داخل الاسرة و حل المشكلات وفض الخلافات و الحوار الإيجابي بين الأزواج وبين الإباء و الأبناء لتجنبنا ربما الكثير من الخسائر في الأرواح منذ سنين، هناك أيضا حاجة لتبني سياسات اقتصادية و اجتماعية وثقافية بحيث تعزز دور المرأة في كل القطاعات ليس كمشهد صوري فقط ولكن كحقيقة لها مخرجات وتقاس بمقاييس مؤشراتها واضحة، كذلك للقانون دور كبير ليس فقط في تشديد العقوبات على مرتكبي الجرائم الاسرية والعنف ضد المرأة ولكن أيضا باعتبار قضايا العنف ضد المرأة من قضايا الحق العام التي لا تسقط بسقوط الشكوى وتمنيت كثيرا لو رفعت الناشطات مثل هذا الشعار لضرورته في مجتمع كمجتمعنا يتم الضغط فيه على المرأة كي تسقط شكواها لاعتبارات كثيرة تربطها بالجاني، أعرف أني قد أهاجم على بعض ما جاء في موضوعي هذا وقد يأتي الهجوم من مخمليات و مخمليين خدمتي في مجال حماية الاسرة بعدد سنوات أعمارهم، ولكن لا ضير ما يهمني أنني قدمت ضميري والله من وراء القصد.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023