القسم :
علوم وتكنولوجيا
نشر بتاريخ :
18/04/2025
توقيت عمان - القدس
10:16:01 PM
توصل فريق دولي من علماء الفلك
والفيزياء الفلكية إلى اكتشاف مذهل يؤكد العثور على النصف المفقود من المادة
المرئية في الكون، والذي ظل لغزًا محيرًا للعقول العلمية لعقود طويلة. وقد تبين أن
هذه المادة كانت مختبئة في سحب هائلة وغير مرئية من الهيدروجين المتأين، تحيط
بالمجرات وتمتد لمسافات شاسعة تتجاوز التصورات السابقة.
وقد تم هذا الكشف العلمي الهام
باستخدام تقنية مبتكرة تعتمد على "تكديس" بيانات ضوء الخلفية الكونية
الميكروية. وأظهرت النتائج أن هذه السحب، التي تُعرف بـ"هالات
الهيدروجين"، تشكل ما يُعتقد أنه النصف الضائع من المادة الباريونية – وهي
المادة الطبيعية التي تتكون منها النجوم والكواكب والكائنات الحية.
ونقل موقع "sciencealert"
عن عالمة الفلك بوريانا هادزيسكا من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، قولها: "نعتقد
أنه بمجرد أن نبتعد عن المجرة، يمكننا استرجاع كل الغاز المفقود." وأضافت أن
الفريق يعتزم إجراء تحليلات دقيقة بالمحاكاة للتحقق من هذه النتائج بشكل معمق.
لطالما افترض العلماء وجود هذه المادة
على شكل ضباب كوني من الهيدروجين، إلا أن رصدها كان تحديًا كبيرًا بسبب كثافتها
المنخفضة وسطوعها الخافت للغاية في الفضاء الشاسع بين المجرات.
ولكن الفريق البحثي تمكن من التغلب على
هذه الصعوبة من خلال استغلال تأثير Sunyaev-Zel'dovich
الحركي – وهي ظاهرة يتم من خلالها رصد تغيرات دقيقة في ضوء الخلفية الكونية عندما
يمر عبر سحب الهيدروجين المتأين – لتحديد مواقع هذه السحب الكونية.
وأوضح عالم الكونيات سيموني فيرارو من
مختبر لورانس بيركلي الوطني: "الخلفية الكونية الميكروية هي الحافة البعيدة
لكل ما نراه في الكون. لذا يمكن استخدامها كخلفية ضوئية لرؤية مكان الغاز."
وقد حل الفريق هذه المعضلة من خلال
تجميع بيانات أكثر من مليون مجرة حمراء تقع ضمن نطاق يبلغ 8 مليارات سنة ضوئية من
مجرتنا درب التبانة، ومن ثم تكديس الصور فوق بعضها البعض للكشف عن الإشارات
الخافتة التي كانت ستضيع لولا هذه التقنية المبتكرة.
وقد أظهرت النتائج المذهلة أن هالات
الهيدروجين أكبر بكثير مما كان يُعتقد سابقًا، بل وربما تتجاوز حدود القدرة
الحالية لأجهزة الرصد الفلكي.
وعلق فيرارو قائلًا: "القياسات
تتماشى تمامًا مع فكرة أننا وجدنا كل الغاز."
إلا أن هذا الاكتشاف العلمي الهام فتح
أيضًا آفاقًا جديدة من الأسئلة المتعلقة بدور الثقوب السوداء الهائلة الموجودة في
قلب المجرات. فقد تكون هذه الثقوب تطلق هذه الغازات إلى الفضاء بين المجرات نتيجة
لنشاطها المتقطع، مما يؤدي إلى توقف عمليات تشكل النجوم.
ويرى الباحثون أن هذه النتائج تمثل
خطوة نوعية وهامة في سبيل فهم بنية الكون وتطور المجرات، كما أنها تدعم الجهود
الحثيثة للعلماء لحل ما يُعرف بـ"لغز المادة الباريونية المفقودة".
وقد جاء في الورقة البحثية التي تتضمن
هذا الاكتشاف: "فهم العلاقة بين الغاز والمادة المظلمة لن يساعد فقط في
التحليلات المستقبلية لعلم الكون، بل أيضًا في فهم تكوّن وتطور المجرات. هذا العمل
يضيف قطعة أساسية إلى لغز الغاز الكوني في عصر المسوح الكونية الكبرى."
الحقيقة الدولية - وكالات