بقلم: محمد خروب
نجحت «أحزاب» القائمة المشتركة ممثلة الجماهير العربية في الكنيست الاسرائيلي بثلاثة عشر مقعداً, في تجاوز الازمة الأخطر التي هددت بتفككها وتصدعها واحتمال تلاشيها في أي انتخابات مقبلة للكنيست سواء كانت مبكرة على وقع «الخطر» المحدق بالمستقبل السياسي والشخصي لرئيس حكومة اليمين
الفاشي في تل ابيب بنيامين نتنياهو, أم جرت في ربيع العام 2019 كما هو مقرر رسمياً.
استقالة النائب اسامة السعدي من الكنيست تنفيذاً للاتفاق المبرم بين اطراف هذه القائمة وهم الجبهة الديمقراطية والمساواة والحركة العربية للتغيير والتجمع الوطني الديمقراطي والحركة الاسلامية, أبعد خطر انفراط عقد هذه القائمة التي أبدت الاحزاب والفعاليات الفلسطينية في الداخل المحتل عام 48 ,نضجاً ووعياً «غير مسبوق» لم يتم طوال نصف قرن من النكبة ما أسهم في شرذمة الصوت الفلسطيني وتواضع التمثيل العربي في برلمان العدو الصهيوني, حيث لا ترحب معظم احزابه بهذا التمثيل وإن ارادته أحياناً كديكور تستطيع «التفاخر» به كالدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط وهي أكذوبة صهيونية جرى ترويجها والدفع بها الى المشهد الدولي, على نحو تم تسويقه في الغرب الامبريالي الداعم لها ووجد قبولاً–من اسف– لدى بعض العرب الذين أخذوا يتقربون منها تهرباً من مسؤولياتهم القومية واستقالة من هويتهم العربية..
استقالة نائب الحركة العربية للتغيير الذي لم يعد يمثلها سوى نائب واحد هو رئيسها الدكتور احمد الطيبي يأتي ترجمة لاتفاق «التناوب» الذي تم توقيعه عشية انتخابات العام 2015 ,حيث نص الاتفاق المذكور على استقالة اعضاء احتياط القائمة أي الذين يعقبون فراغ المقاعد 12 و13 و14 و15 ما يعني الوصول الى وضع يصبح فيه للاحزاب الثلاثة الباقية وهي الجبهة والتجمع والحركة الاسلامية اربعة نواب لكل منها فيما يبقى للحركة العربية مقعد واحد..
هذا في حد ذاته رغم ما رافق الخلاف على استقالة السعدي «واشتراط» الحركة ان تكون الاستقالات على باقي الاحزاب وبخاصة الجبهة والتجمع «متزامنة» يعتبر بالفعل انجازاً كبيراً واستشعاراً بحجم المسؤولية تجاه الجماهير التي اوصلت القائمة المشتركة الى أن تكون في المرتبة الثالثة في الكنيست الاسرائيلي بعد الليكود والتجمع الصهيوني وهو انجاز أحدث صخباً مدوياً في الاوساط اليهودية كافة يساراً ووسطاً ويمينياً ودينياً, لأن القوانين التي تم سنّها في الكنيست وخصوصاً رفع نسبة الحسم الى 25ر3 %كانت تستهدف ضمن أمور اخرى, «سحق» التمثيل العربي في الكنيست على نحو يعيد الجمهور العربي الى مجرد «خزّان» اصوات للاحزاب الصهيونية خصوصاً تلك التي ترطن بخطاب
اليسار كحزب العمل الاكثر تضليلاً وصهيونية.
يصعب والحال هذه إلقاء اللوم على أحد الان بعد أن تم تجاوز «نهر الريبكون» وبعد أن انتهت الازمة التي كادت تنسف كل ما بذلته لجنة الوفاق الوطني التي اخذت على عاتقها مهمة اشهار القائمة المشتركة بشكلها الذي نعرفه الان وهي مهمة صعبة وشاقة لامست حدود المستحيل, لكن ما بذله اركان هذه اللجنة الوطنية المحترمة, أنعش الامال التي كادت تتبدّد في ظل يأس الجمهور الفلسطيني الذي كاد ييأس من حصول احتمال كهذا, لكنه حدث ما استدعى المحافظة عليه بأهداب العيون كانجاز وطني غير مسبوق وها هي استقالة نائب الحركة العربية للتغيير اسامة السعدي تحيي الامال من جديد بأن يزداد التفاف الجمهور الفلسطيني حولها ويرفع مستوى تمثيلها ليصل الى ما يتساوى أو يقترب من مقاعد تتناسب وعدد فلسطينيي الداخل الذين يشكّلون نسبة 20 %من عديد سكان الدولة الصهيونية.
عن الرأي