بما أن أمريكا
فعلتها ,فالأحرى بنا أيضاً أن نفعلها: "سياسات اقتصادية حمائية ودعم للصناعات
الوطنية"
الحقائق
١. تدفع معطيات الواقع الأمريكي المحلي والعالمي
الإدارة الأمريكية وأجنحتها المتعددة إلى إعادة النظر في أغلب مناحي سياساتها
العميقة من خلال تبني سياسات وإجراءات حمائية لتلافي الانحدار الحاصل في مكانتها
الاقتصادية والسياسية، بل والعسكرية أيضًا.. وتتخذ هذا الاجراء بغض النظر عن مصالح
الحلفاء والأصدقاء والتابعين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، حيث اعتبر الاتحاد
القوانين الحمائية الأخيرة بمثابة ضربة لإقتصاداته وتخلٍ عنه ودون أخذ مصالحه
بالاعتبار في الوقت الذي يتلقى فيه الإتحاد الضربات تلو بعض، جرّاء الحرب في أوكرانيا.
٢. أقرت
الولايات المتحدة بمواجهة أزمة الطاقة العالمية (النفط والغاز) حزمة قوانين وأنظمة
وإجراءات للتحول نحو الطاقة النظيفة، (بما في ذلك تعطيلها مشروع نظام أممي كنت على
رأس إتخاذه مع مجموعة خبراء) بعد أن بقيت واشنطن عقوداً تنابذ العداء لمؤتمرات
المناخ وأي توجه يقيّد أو يقنن التلويث الأمريكي المذهل للمناخ والبيئة، باعتبار
أن ذلك يقنّن و(يُقتر) أرباح المجمّع الصناعي العسكري بخاصة والصناعات الأمريكية
بعامة، بذريعة مصالح ورفاه الشعب الأمريكي.
٣. وتكشف حيثيات
القانون أن في أمريكا ولايات ومناطق تحت خط الفقر بنص حيثياته ومبرراته ودواعيه،
في حين تغطي القواعد العسكرية الأمريكية مساحة الأرض لإستباق أي تحول قد يتم، ليس
فقط على حساب مصالحها بل على حساب مفاهيمها العامة للحياة والمجتمع والسياسة
والاقتصاد وغيرها.
٤. يُقر القانون
بعدم وجود طاقة نظيفة في أمريكا، إذ يدعو إلى (تسريع نشر الطاقة النظيفة والمركبات
النظيفة والمباني النظيفة والتصنيع النظيف). ويقر أيضاً بأن أجزاء من الولايات
المتحدة غالبًا يتم تجاهلها وحرمانها من الخدمات، وأن هناك مجتمعات محرومة سيخصص
لها 40% من الفوائد الإجمالية للمناخ والطاقة النظيفة والبنية التحتية
والاستثمارات الأخرى.
٥. ويُقر
القانون أيضاً بأن ثمة تهديدا وجوديا من أزمة مناخ وتضخم، خصص لمعالجته 370 مليار
دولار (ما يؤشر على حجم أزمة المناخ) وكما ثمة حاجة لحلول طاقة نظيفة في كل قطاعات
الاقتصاد، وعلى خفض تكاليف الطاقة للعائلات والشركات الصغيرة، وتسريع الاستثمار
الخاص في حلول الطاقة النظيفة في كل قطاعات الاقتصاد الأمريكي.
٦. وينص القانون
على أنه توجد مجتمعات في أمريكا محرومة تاريخيًا، وتعايش تلوث مزمن، وتعاني من
ضائقة اقتصادية وتقليدية (مجتمعات الطاقة) أي مناطق المواطنين الأصليين، المهمشة
والمثقلة بالتلوث والتي تفتقر إلى البنى التحتية والخدمات الأساسية الأخرى،
وشركاتها الصغيرة محرومة من الخدمات.
٧. وأقر الملخص
التنفيذي للقانون بارتفاع التلوث في الولايات المتحدة 100% منذ سنة 2005، اَلأمر
الذي يستدعي تخفيضه إلى النصف بنسبة 52-50%، حتى عام 2030، أي إلى ما كان عليه في
تلك السنة.
٨. السؤال الذي
ينبغي توجيهه للدول التابعة للولايات المتحدة (المسماة صديقة) هل ستبقى واشطن
قادرة والحالة هذه، على تقديم مساعدات وهي تتوجه جادة للطاقة النظيفة ما يعني
ممارسة ضغوط هائلة على المجمع الصناعي العسكري والصناعات عامة وتراجع الأرباح
والعائدات بالتزامن مع تقدم الصين ومحور بريكس ومقدمات إفتراق مع الإتحاد الأوروبي
وغيره؟
٩. وهل هي
الولايات المتحدة التي تعاني من كل ما سبق بحسبها، قادرة على إيجاد حلول للعالم
فيما هي تبدد دولارها الورقي غير المغطى وما تستغل من ثروات التابعين على الحروب
والفتن والتدخلات ودعم إسرائيل؟
١٠. يفترض أن
لدى الاتحاد الأوروبي القدرة الكافية للدفاع عن مصالحه، وإن عبّرت عواصمه المهمة
بخجل وببعض الشجاعة عن إستيائها من هذا التخلي وتركها فريسة لأزمة الطاقة
وتداعياتها، وتلقيها منفردة.. بل وباستعجال أمريكي كارثي؛ إستعجال قطاف ثمار
الأزمة الناجم أولاً عن الإجراءات الأمريكية المتتالية لأكثر من إدارة لم تكن
لتأخذ بعين الاعتبار مصالح الشركاء في النيتو أو في الرأسمالية العالمية أو في
عداء البعض للتكتلات المنافسة لأمريكا أو مصالح الدول التابعة.
١١. والسؤال هو
إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية بعظمتها تتصرف هكذا حمائيًا، للحفاظ على
مصالحها، وتتجاهل عقودا من الشراكات مع أقرب الدول والأصدقاء والحلفاء والتابعين،
أليس أولى بالدول الأقل هوامشاً أن تقوم بتصرف مشابه، بل أليس من حق بل من واجب
الدول والقوى والتكتلات المنافسة للقيادة الأمريكية أن تمنح مصالحها الإستراتيجية
الأولوية بالمقابل خاصة وأن العالم يرى ظلم ما يمارسه الغرب بقيادة الولايات
المتحدة على مستوى العالم.
١٢. الغريب أنه
بينما يتفاعل العالم مع التوجه الحمائي الأمريكي من خلال اجراءات مماثلة تركز على
حماية اقتصاداتها، يصرح أحد بعض المسؤولين بأن الأولوية في العطاءات الحكومية وفي
المشتريات هي للشركات الأجنبية الكبرى وليس لحماية ورفد الشركات الوطنية وتقويتها
لتعظيم القيمة المضافة في المنتج المحلي وتحفيز التنافسية، الأمر الذي ننادي به
منذ منتصف التسعينات. إن تجارب الشركات الكبرى مثل أبل، وسامسونج، وهواوي لولا دعم
حكوماتها لما اصبحت شركات تساوي التريليونات وتنتج بمليارات الدولارات سنويا.
١٣. الأيام
القادمة ستكون أصعب على العالم وعلينا إذا لم نبادر بالتصرف استراتيجيا.
الخلاصة
نحن أحوج، كأردن
وكأي بلد عربي، من أمريكا لمثل هكذا قانون لحماية صناعاتنا وخدماتنا الوطنية،
وبالتالي أوصي بما يلي:
أولا: على الدول
إعادة قراءة وتقييم تموضعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والأخذ بالاعتبار
التوجه الأمريكي، بمعنى اتخاذ سياسات حمائية لاقتصاداتها وتوجهاتها وعقيدتها
الاجتماعية وفق مصالحها وسيادتها واستقرارها واستقلالها وتقدمها.
ثانيا: التوقف
عن تقبل أعطيات الغرب؛ مقابل التبعية المطلقة والتي لا بد ستتوقف أمام مستجدات
الواقع الداخلي والخارجي، والبحث عن بدائل لنمو حقيقي نابع من تنافسيتها.
ثالثا: تنمية
الدخل القومي، بتحقيق الاكتفاء الذاتي (صناعة، زراعة، وتكنولوجيا) والأمن الغذائي
وتنمية المنتج الزراعي والزراعة الذكية والتصنيع الزراعي وتنويعه، وتشغيل اليد
العاملة المحلية بديلًا عن تصديرها وبديلا عن استقدام عمالات أجنبية سواء في مجال
العمل المنزلي أو الزراعي، ورفع مستواها الحرفي والمهني والتقني.
رابعا: تشجيع
العمل التعاوني في كل المجالات لتركيم رأس المال الوطني القادر على تنفيذ مشاريع
كبرى.
خامسا: إستخدام
العملات الأجنبية في استيراد المعدات اللازمة للتنمية، وتعزيز إنتاج المواد
الاستهلاكية محلياً واستيراد الضروري جدًا منها لجهة التنمية أولاً.
سادسا: دعم البناء
والمشاريع الصناعية مستهلكة الطاقة بقدر أقل وأقل تلويثا ودفئا شتاء وبرودة صيفاً.
سابعا: خفض
تكاليف الطاقة للمصانع الوطنية وهي مصانع كثيفة الاستخدام للطاقة مما سيوفر للسوق
المحلي ما يحتاج ويقلل الضغط على العملة الأجنبية، والاستغناء عن الاستيراد.
ثامنا: المراهنة
على تطوير إنتاج الطاقة المتجددة والنظيفة وإطلاق القطاع الخاص في هذا المجال
ومنحه التسهيلات اللازمة في الأراضي الأردنية وتمويله وتسريع نشر تقنيات الطاقة
النظيفة.
تاسعا:
تطويرعلوم المناخ ومراقبة التحولات المناخية والدورات المطرية والحفاظ على الثروة
المائية وتنميتها بحمايتها من الهدر وفي بناء السدود وحماية العيون والأحواض
المائية ووضع حد لسرقتها سواء من الخارج أو الداخل.
عاشرا: تشجيع
ودعم التصدير وتنويعه وعدم الاعتماد على ألأسواق التقليدية والغربية وفتح أسواق
جديدة ومنح الأولوية للتبادلات مع الدول العربية القريبة لتخفيف الاعتماد على
العملات الأجنبية.
أحد عشر: يجب
لحل مشكله النقل دمج جهات تشغيل الحافلات، ودمج تعريفات الركوب وتناسبها مع عمليات
التشغيل، وتطبيق أنظمة النقل الذكية، وتطوير برنامج لإدارة حركة المرور بحيث يشمل
إدارة مواقف السيارات، وتقييد السيارات، وفرض رسوم على التسبب في الازدحام، ووضع
خطة وطنية للسلامة على الطرق، بالإضافة إلى المخططات الرئيسية لمسارات المشاة
وراكبي الدراجات.
ثاني عشر: ترشيد
القطاع العام من الترهل والتعيين التنفيعي ومن خارج أسس التوظيف الأصولي ووضع حد
لتضارب الصلاحيات وتكرار المؤسسات متماثلة المهام.
ثالث عشر: تشجيع
التحول الرقمي في تشغيل المصانع وفي كل المجالات.