أكثر من 7,000 مستخدم منذ تفعيلها.. زين تطلق منصّتها الرقمية للإبداع (ZINC.JO) البحث الجنائي يلقي القبض على طاعن المعلم داخل إحدى المدارس قبل أيام ارتفاع أسعار الذهب محليا دينار للغرام الأمن العام يدعو المواطنين إلى توخي الحذر خلال المنخفض الجوي القادم سلطة وادي الأردن تعلن حالة الطوارئ وتحذر من تشكل السيول " الوحدة الوطنية" : لن نشارك بمسيرة الجمعة - أمن واستقرار الاردن في مقدمة أولوياتنا الأونروا: جميع سكان مخيم جنين البالغ عددهم 30 ألف نسمة غادروه وفد من نواب وأعيان الكرك يزور جامعة مؤتة لبحث سبل دعمها وتطوير خدماتها “مالية النواب” تناقش تقارير ديوان المحاسبة لوزارة الصحة ترامب: الولايات المتحدة تريد السيطرة على قطاع غزة السعودية رداً على تصريحات ترامب: قيام دولة فلسطينية موقف راسخ وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الاربعاء 5- 2 -2025 أنثروبيك تطور تقنية ثورية لمنع إساءة استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي ترمب: أريد أن أرى الأردن ومصر تستقبلان فلسطينيين من غزة ترامب يُنشئ صندوق ثروة سياديًا أمريكيًا قد يشتري تيك توك

القسم : بوابة الحقيقة
تصفية الحسابات: لا فضاء سوى العراق؟
نشر بتاريخ : 1/20/2017 7:49:12 PM
أ.د. محمد الدعمي
 
أ.د. محمد الدعمي

إن أية متابعة فطنة ودقيقة لما يجري في العراق اليوم. إنما تؤشر ما أذهب إليه في أعلاه عندما ألاحظ بأن المسؤولين الأتراك والإيرانيين عندما يتصافحون أمام الكاميرات، فإنهم إنما يخفون خناجرهم خلف ظهورهم بقصد النيل من المقابل إن أتيحت الفرصة لذلك. علمًا أن الفرصة أضحت متاحة الآن ـ أكثر من أي وقت مضى كي تبدأ المنازلة عبر الإقليم الشاسع والغني الممتد بين الموصل وبغداد..

في واحدة من أهم خلاصات كتابي الجديد الموسوم (وطن بلا وطنيين: كرد وسنة وشيعة في صراع ذاتي التدمير) (2016)، خلصت إلى أن الغزو الأميركي للعراق (2003) إنما آل إلى استبدال دولة مركزية قوية، برغم سلبياتها، بأخرى ضعيفة، فاقدة للإرادة. ومع اعتراضاتنا على الدولة القوية المخلوعة الأولى ونقدنا لها، إلا أن الدولة الضعيفة التالية إنما فتحت الطريق واسعة لإحالة العراق إلى خواء قوة Power Vacuum، فضاءً رخوًا وناعمًا، جاذبًا للصراعات الإقليمية والدولية التي لا شأن له بها ولا ترتجى فائدة منها له على أقل تقدير.

من هنا تأتي بواعث افتراضيتي الأساس التي تفيد بأن العراق استحال اليوم حلبة صراع بين قوتين إقليميتين أساسيتين (أو بين وكلائهما) على نحو خاص، هما: (1) تركيا، و(2) إيران، ناهيك عن القوى الأخرى التي تحاول جاهدة إيجاد موطئ قدم لها في هذا البلد المهم، ومنها إسرائيل. أما الممر الذي سمح لهذه الصيرورة ولنفاذ هاتين القوتين وتخللهما إليه، ميدانًا للصراع، أي لاتخاذه “حلبة صراع ـ إقليمي”، فهو الانقسام المجتمعي (الطائفي) المأساوي الذي لم يكن، لولا سماح الأميركان بوجوده وتكريسهم لآثاره بدعوى الديمقراطية وحقوق الإنسان، الأمر الذي قاد العراق، بل والشرق الأوسط برمته نحو هاوية التشرذم والتحالفات اللامجدية، ناهيك عن التشتت الطائفي، بل وحتى الانقسام “الشللي”، المجهري الذي قضى، عمليًّا، على وظائف المنظمات الإقليمية التي كانت تلعب أدوارًا تقريبية لعقود، كما كانت هي حال “بيت العرب”، “جامعة الدول العربية” التي راحت تنخرها الانقسامات والتكتلات، بعد خسارة الدولة السورية، حتى أضحت عامل تفتت بدلًا من أن تكون عامل جمع واتحاد، للأسف الشديد.

إن أية متابعة فطنة ودقيقة لما يجري في العراق اليوم. إنما تؤشر ما أذهب إليه في أعلاه عندما ألاحظ بأن المسؤولين الأتراك والإيرانيين عندما يتصافحون أمام الكاميرات، فإنهم إنما يخفون خناجرهم خلف ظهورهم بقصد النيل من المقابل إن أتيحت الفرصة لذلك. علمًا أن الفرصة أضحت متاحة الآن ـ أكثر من أي وقت مضى كي تبدأ المنازلة عبر الإقليم الشاسع والغني الممتد بين الموصل وبغداد، أي بين الموالين لتركيا والمحاربين نيابة عنها، من ناحية؛ وبين الموالين لإيران والمقاتلين نيابة عنها، من الناحية الثانية.

هكذا يعيد التاريخ نفسه اعتمادًا على الانقسام الطائفي، وعلى نحو يذكرنا (بدقة مدهشة) بالعلاقات المتنافرة بين الدولة العثمانية (الأستانة)، وبين الدولة الصفوية (أصفهان ثم طهران). بقيت العلاقات بين الامبراطوريتين أعلاه قائمة عبر تبادل السفارات وتواصل البلاطات، إلا أن ذلك الود المزيف لم يكن ليبدي أية رحمة بأهل العراق المساكين الذين وجدوا أنفسهم بين المطرقة التركية والسندان الإيراني. وهكذا، راح هؤلاء المساكين يقدمون أنفسهم ضحايا على مذبح التضحية بين دولتين كبريين لا شأن لهما بتقدم أو برفاه العراقيين، بل باستغفالهم والتضحية بهم عبر صراعاتهما البينية، درجة أن يقاتل العراقي العراقي، فيزوق الضابط التركي، أو الإيراني بالأوسمة والنياشين هناك، في الأستانة أو في طهران.
لست أزعم بأني أكشف عن حقيقة جديدة، رغم مرارتها، في هذا الجدل بقدر ما أزعم أن التاريخ إنما يعيد نفسه رضوخًا وتناغمًا مع حركته الدورية التي دلت (بما لا يقبل الشك) بأن الغزو الأميركي للعراق جاء بعكس ما كانت واشنطن تتمناه من اعتماد بغداد مركزًا إقليميًّا قائدًا لحركة الأمركة والتأمرك عبر الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023