هذا عنوان ورد في بعض المواقع
الإخبارية، وهو عنوان مشوق، ويتعلق بقرار مرتقب طال انتظاره حتى كدنا نيأس من
حصوله، ولعله يزرع فينا الأمل بأن بعض المسؤولين يلمسون الخلل، ولديهم الجدية وصدق
النية لتصويب مسار العمل في بعض الجامعات التي ملأت حكاياتها الدنيا وشغلت الناس.
التغيير ينتظر " على بركة الله
"، لكن ماذا تنتظر مقولة " على بركة الله " ؟؟
إنها مقولة طاهرة تُبدأ بها المشاريع
البناءة النافعة، ولهذه المقولة مهرها الذي يجب الوفاء به لضمان صدقها وعد تفريغها
من مضمونها.
ولكي يكون القرار مباركا، ويمضي تنفيذه
على بركة الله، يفترض أنه سُبق بدراسات ضافية لواقع الحال، وجمع معلومات وافية،
واستشارات واسعة أفضت إلى تقييمات دقيقة عادلة، تقود إلى اختيارات موضوعية ذكية
صائبة، توصلنا إلى رئيس يتمتع بأخلاق رفيعة، وهمة سامية، وإمكانات عالية تقود
جامعته نحو الرشاد والتقدم الحقيقي والبيئة الأكاديمية الإنسانية الراقية التي تبث
الطمأنينة وتحث على البذل والعطاء والانتماء :
ــ رئيس صادق يقول ما يفعل، ويفعل ما
يقول، واثق بنفسه، سويّ الأخلاق، عفّ اللسان، صافي النية، عطوف على الرعية، يعالج
قبل أن يعاقب، يتعالى بالصفح والتسامح، ولا يصغُر بالحقد والمكائد والتشفي
والمصائد.
ــ رئيس حكيم عادل : في العمل والحقوق
والواجبات الرسمية يقف من الجميع على مسافة واحدة، ويترك لقلبه الهوى، ولعواطفه
الحرية في الأمور الشخصية، ولا يخلط بين الأمرين، فلا يتأثر حكمه بأهوائه ونوازعه،
ولا يجعل قراراته رهينة انطباعاته وميوله النفسية.
ــ رئيس عصيّ على الضغوط الاجتماعية
والمكاسب الشخصية، يعي أمانة المسؤولية، فيختار قيادات من ذوي الكفاءات والسوية
الأخلاقية والبحثية والإدارية، يختارهم بعناية وعدالة وحسن اختبار وتمحيص وتجريب،
يؤمّنهم ثم يراقبهم ويتابع أداءهم، ولا يغفل عنهم، يعززهم إن أحسنوا، ويصدهم إن
أساؤوا، يلزمهم بالعدل ويكون بذلك قدوة لهم، ويقسو عليهم إن ظلموا ويكون خصمهم
ويقف في وجوههم.
ــ رئيس لا يحصر همه في فقاعات إعلامية
فتطالعنا صورته حيثما اتجهنا، ويملأ سمعنا صوته يتحدث عن إنجازات قد تكون وهمية،
ويصب جهده في اصطياد أرقام ضمن تصنيفات عالمية قد تكون أحيانا شكلية أو غير
حقيقية، لا يلمس الموظفون والمدرسون لها فائدة عملية. لا ننكر أن الارتقاء في
التصنيفات العالمية أمر مرغوب مطلوب نتمناه ويجب أن نسعى إليه، لكن ما فائدة أن
نظفر بأرقام عالية للصرف الصحي أو بئر مياه ـرغم أهمية ذلك ـ وبعضنا يتلوى من ألم
الظلم، أو الإعاقات الإدارية، أو هبوط المعنوية والرغبة والدافعية في العمل
والإنجاز ؟!
ــ رئيس نزيه شفاف في كل معلومة يقدمها
إلى مجلس الجامعة، أو مجلس الأمناء، أو مجلس التعليم العالي. يتخذ من مجلس العمداء
مجلس شورى للحوار الجاد الواعي قبل اتخاذ أي قرار، ويحرص على أن تكون مجالس
الكليات ومجالس الأقسام كذلك، فلا يكون كل مجلس منها ظلا للرئيس يتسابق فيه
الأعضاء إلى تلبية مطالبه وهواه لنيل رضاه، ويتحول كل مجلس إلى مجلس للرئيس وحده،
ويكون رئيس كل مجلس صدى باهتا لرئيس المجلس الذي يعلوه، فتتوارى بذلك الكفاءات
الأخرى بعيدا عن الميدان بحثا عن راحة الرأس والأمان.
حسنا فعلت وزارة التعليم العالي بهذه
النية في التغيير الضروري، ففي بعض الجامعات وصل الغيظ إلى المدى الأقصى، وخيّم
الإحباط، وتسممت الأجواء والعلاقات، وطاشت سهام القرارات بعيدا عن الموضوعية
والعدالة، ونأت البيئة الجامعية عن سمات العلم وأخلاق العلماء، وناء كثير من
المظلومين بحملهم ووقفوا على حافة الهاوية يفكرون في ترك العمل، أو الانحراف، أو
إضاعة أوقاتهم وجهودهم في أروقة المحاكم، بعد أن ضاقت صدورهم بالظلم، وأسلوب
الإدارة التصيدي الكيدي السقيم.
لن تأخذنا العجلة إلى مدح أو ذمّ،
وننتظر التغيير والتجريب للحكم، وصدق من قال :
وحمدك المرء ما لم تبلُه خطأٌ وذمُّك المرء بعد الحمد تكذيبُ
والهمسة الأخيرة الأثيرة للمسؤولين هي
رجاء بألا نحكم على بعض الرؤساء من تصريحاتهم التي تملأ الفضاء حول العدالة
والموضوعية والالتزام بالرؤى والتوجيهات والأنظمة والتعليمات، فمعظم ذلك برق
خُلّب، وسراب خادع لا علاقة له بالواقع، ولعل أعلى أصوات من يتغنون بذلك هم أبعد
الناس عنه وأعظمهم في مخالفته.
جلس الصياد وبيده سِكّينه الحادة يذبح
العصافير التي اصطادتها شبكته، وسالت دموعه من شدة البرد، ووقف عصفوران بعيدا
يرقبان المشهد، فقال الساذج منهما لأخيه : انظر إلى رحمته ورقة قلبه ودموع عينيه.
فرد الأخر، وكان عاقلا : يا مسكين، لا تنظر إلى عينيه، بل انظر إلى سِكّينه وفعل
يديه.!!