ورد في جريدة الرأي قبل عدّة أيام ،أنَّ خلافاً
نشب بين اللجنة المالية في إحدى المحافظات ، وبين أحد المسؤولين الحكوميين، حول
تكلفة صيانة المنزل الوظيفي لذلك المسؤول ، فقد طالب المسؤول بمبلغ معيّن لصيانة
المنزل، بينما قدرت اللجنة أن خُمس المبلغ المطلوب فقط يعدّ كافياً لصيانة منزل
عادي في إحدى الضواحي، تمّت صيانته قبل ثلاث سنوات.
إلى هنا يُلاحظ أنّ الأمر يثير الأسف لأنه يتعلّق بإهدار جزء من المال
العام دون داعٍ ضروي، لكنّ الذي يثير الغيظ حقاً هو ردّ المسؤول بأن صيانة المنزل
بمبلغ يعادل خمسة أضعاف ما يستحق إنما هو لحفظ هيبة الدولة، فنكون بهذا الرّد قد
اهتدينا إلى الحلّ الذي حارت فيه العقول ، وتعبت من أجله القلوب ، فهيبة الدولة
التي تضعضعت ،وتناهشها الفاسدون دون رحمة أو ضمير ، يمكن إعادتها ببساطة من خلال
إجراءات تزيينية شكلية تتمثّل في هدر ما تبقى من الأموال على صيانات وتزيينات
وتحسينات وأثاث وسيارات وكماليات لراحة المسؤولين والترويح عنهم وعن أسرهم ،
وتفتيح أذهانهم لينعموا علينا بحلول فعّالة تعالج ما يعانيه الوطن ،وتحمي ظهره من
الحراب التي تنهال عليه تباعاً، فتتساقط النصال على النصال.
أما الإخلاص في العمل ، وتخصيص الوقت كله لمهام الوظيفة، والالتزام
بالعدل والمساواة بين الناس، وتفعيل الإجراءات ،والإسراع في حلّ الخصومات ،
والتحصّن بالأنظمة والتعليمات ، والوقوف في وجه المعتدين الخارقين لللقوانين،
ونصرة الضعيف والمظلومين...إلخ كلّ هذا وغيره من أساسيات إقامة العدل في الدول
المدنية قد لا يكون في نظر هؤلاء إلّا إجراءات متخلفة رجعية، لا يطالب بها إلّا
رجعيون متخلفون يعيشون خارج العصر ويفتقرون إلى الحكمة والدهاء في كيفية إدارة
الامر.
حقاّ لقد مللنا.
عجوزٌ تُرجّي أن تعود فتية وقد نحل الجنبان واحدودب الظهر
تدسّ إلى العطار
ميرة أهلها وهل يصلح العطار ما
أفسد الدهر؟؟!!