“لا يعمل نظامنا بهذه الطريقة!” هذه هي الجملة التي راح يكررها كبار الساسة الأميركان المعترضين على إعلان الرئيس دونالد ترامب حال “الطوارئ” لاستحصال مبلغ يناهز الثمانية مليارات دولار لبناء “حاجز”، أو جدار، أو سياج عازل على الحدود الأميركية مع المكسيك، برغم وعده المنتخبين، منذ 2016، بأنه سيرغم المكسيك على دفع نفقات إقامة هذا الحاجز، ولكن في وقت ما من المستقبل.
أما نقاط الاعتراض التي يجاهر بها المعارضون في الكونجرس وفي الإدارة ذاتها كذلك، فتنصب على أن الرئيس لا يقول الحقيقة، بقدر تعلق الأمر بوجود حال طوارئ: فليس هناك تهديد حرب على الحدود، ولا يوجد ما يؤشر على مخاطر تحيق بالأمن القومي الأميركي، زد على ذلك أن أعضاء الكونجرس ليسوا في إجازة كي يصعب جمعهم للموافقة على تخصيصات مشروع الرئيس. أما المؤيدون لبناء الجدار، فيذهبون إلى أن تسرب الآلاف من الهاربين من جحيم بلدانهم الفقيرة بأميركا الجنوبية إنما سوف يتحولون إلى “عبء” على دافع الضريبة الأميركي، فهم يهددون “الحلم الأميركي” بحياة مرفهة وسعيدة على غرار ما شاهدناه في فيلم “يا لها من حياة مدهشة” It’s a wonderful life، حيث تبدو الحياة بأميركا وكأنها فردوس آسر الخيالات المراهقين والشبيبة.
ولكن برغم ما تقدم من أخذ ورد، يذهب الرئيس الذي يستطيع حسب القانون فرض حال الطوارئ على الكونجرس، باستخدام “فيتو” الرئاسة، إلى أن ما يمر عبر حدود المكسيك إلى الولايات المتحدة من أفيون وأنواع المخدرات يشكل تهديدا حقيقيا للأمن القومي الأميركي، وأن الجدار المقترح لا بد أن يعيق مرور هذه الشرور التي تكلف الولايات المتحدة عشرات الشبان والشابات الذين يلفظون أنفاسهم الأخيرة تحت وطأة المخدرات الخطير على شكل متوالية هندسية، من نوع الــ”ميث” أو الهيروين، من بين سواها يمثلون حال طوارئ تنذر بالمزيد، خصوصا بعدما شاع من الأنباء عن تعاطي الأطفال في المدارس الابتدائية لأنواع المخدرات سرا، ناهيك عن النفقات العالية لعلاج الشبان المبتلين بآفة المخدرات في المشافي ومراكز إعادة التأهيل.
للمرء أن يتوقع أسابيع ساخنة من الأحداث قادمة في سياق الصراع بين الفردية (الرئيس ترامب)، وبين (النظام الديمقراطي الأميركي العريق)، علما أن الارتطام المتوقع لن يكون وحيد الجانب، نظرا لأنه سيتفجر في الوقت المتوقع لإعلان “لجنة مولر” نتائج تحقيقها حول إمكانية حدوث تواطؤ بين الرئيس ترامب والكرملين سنة 2016 لتمكين الأول من الوصول إلى البيت الأبيض: فتدرعوا، أيها الأميركان!