بقلم: أحمد سليمان العمري
تُعدُّ الأردن
ضمن الدول الأكثر فقراً في المياه مع نمو سكاني واقتصادي متزايد وعدد كبير من
اللاجئين من دول الجوار ممّا أدّى للضغط على الموارد المائية الشحيحة في الأصل.
نظراً
لاستقبال الأردن أعداداً كبيرة من اللاجئين في الفترات الأخيرة وخاصة جراء الأزمة
السورية، حيث وصل عدد اللاجئين لـ 87 لاجئ لكلّ ألف نسمة، حسب الوزارة الاتحادية
الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، والذي أدى لتَصَدُّر الأردن المرتبة
الثانية عالمياً بعدد اللاجئين، مِمّا جعل المؤسسات العالمية تسعى لتقديم الدعم
للحكومة، وأخصّ هنا بالذكر ألمانيا وتحديداً الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون
الاقتصادي والتنمية بشراكة:
Danish Refugee Council (DRC) and Norwegian Refugee Council (NRC), World
Vision International and Action Against Hunger.
بهدف صيانة
السدود وتأمين مياه الشرب وحماية المناطق المأهولة من التصحّر وإنجراف التربة
والمناطق الأثرية من الدمار جراء الفيضانات الدائمة وخلق ٤٥٠٠ فرصة عمل بمشورع
سميّ:
"Cash for Work" بما معناه "الأجرة اليومية"
وبعنوان "حماية الخزّانات المائية"، شريطة ألّا يُسمح للعامل بأكثر من
أربعين يوم عمل في المشروع لإتاحة الفرصة أمام الآخرين من الاستفادة من الدعم.
طبعاً مع وجود بعض بنود بما يتوافق مع قانون العمل الألماني مثل توظيف نسبة من
النساء وذوي الاحتياجات الخاصة واللاجئين.
هذا الخبر
وقع اليوم وبالصدفة بين يديّ أثناء
مطالعتي للموقع الرسمي لـلوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية،
والذي يسعى لترميم بعض السدود الرئيسية في الأردن بهدف توفير مياه الشرب وتخزين
مياه الأمطار ومنع الفياضانات وتجنباً لوقوع كوارث طبيعية جراء الأمطار الغزيرة
كالتي عاصرناها في الآونة الأخيرة في البحر الميت "سَدّ زرقاء ماعين"
فجيعة الخميس يوم 25.10.18 الذي راح ضحيته
واحد وعشرون شخصاً جلّهم من الأطفال. وأتى سَدّ الوالة بعد أسبوعين من حادثة البحر
الميت كشاهد عيان ليخالف فيضانه نتائج لجنة التحقيق في شأن كارثة البحر الميت، حيث
أنه ثبت وبالوجه الشرعي تضليل اللّجنة المكوّنة من ثمانية برلمانيين الحقائق. فقد
تبيّن أن فيضان "سَدّ الوالة" آنذاك بالدقيقة الواحدة بلغ 7200 متر
مكعب، حسب الجهات الرسمية الأردنية، والتي أدت لوفاة ثلاثة عشر شخصاً وأصابة 12
آخرين وترحيل سكان المنطقة لمساكن آمنة.
لقد نوّهتُ
على كثير من النقاط في المغالطات الحكومية في مقالي آنذاك "ضحايا البحر
الميت" إلّا أنّ قرار الدعم هذا صعقني. في الوقت الذي استغرقت الحكومة أكثر
من أسبوع لتشكيل لجنة تحقيق حول الجهات المسؤولة عن الفاجعة، فتارة تحمّل الحكومة
المدرسة التي راح جلّ طلابها في الرحلة ضحية البنية التحتية وأخرى الشركة المنظمة
للرحلة وحيناً وزارة التربية والتعليم، هذا في ذات الوقت الذي أبرمت به الحكومة
ممثلة بوزارة المياه والريّ إتفاقية تمويل ترميم السدود.
المشروع مقرر
لأربعة سدود: سَدّ الملك طلال وسَدّ الموجب وسَدّ وادي العرب وسَدّ الوالة
لأهميتها ولتخزين مياه الأمطار والاستفادة منها.
بدأ تمويل
مشروع ترميم السدود المقرّر العمل به من عام ٢٠١٧م لينتهي في العام الحالي ٢٠١٩م
إلّا أنه لغاية الآن لم تتحدث الحكومة عن هذا الدعم فضلاً عن العمل.
لماذا لم
تتحدث الحكومة آنذاك عن هذه الإتفاقية المموّلة؟ ولماذا لم ترمّم السدود بعد
الإتفاقية بعام؟
والذي آلمني
و"وزاد الطين بلّه" - كما يقول المثل الشعبي - ردّ أحد المهندسين بإسم
وزارة المياه والري بمداخلة لي عن الدعم وتقديم بعض التفاصيل فأجاب:
"نحن
نعمل منذ 2017م على إصلاح طرق ومدارس اللاجئين... أما السدود فستكون المرحلة
القادمة" وهل يُفهم من سياقه أن ترميم السدود هي وظيفة وزارة التربية
والتعليم؟ فإذا كانت وزارة المياه والري كونها الممَثلة بتوقيع المشروع المدعوم هي
المسؤولة عن بناء المدارس وترميم الطرقات، فأي الوزارات إذن هي المعنيّة بترميم
السدود؟
أين الرقابة
الحكومية على المشاريع المدعومة من الخارج؟ ولماذا لم تتحدّث الحكومة ممثّلة برئيس
الوزراء الدكتور الرزّاز إبان فجيعة الضحايا من السّدّين؟ رغم أن الدولة مُوّلت
قبل الحادثة بعام لترميم السدود، كلاهما تسببا بوفاة 34 شخص وتشريد كثير الأُسر.
لماذا لم تبدأ
الحكومة ممثّلة بوزارة المياه والري بالعمل ونحن الآن في آخر عام المشروع؟
أين فرص
العمل؟ إلى أين وصلت الحكومة بالمشروع بعد عامين من انقضائه؟ أكان بالإمكان تجنب
الكارثتين لو أنّ الحكومة باشرت العمل بالمشروع كما هو مقرّر؟