محمد خروب
كثيرون.. انتظروا ما الذي سيسفر عنه اجتماع مجلس الأمن القومي الاميركي، الذي رافقته توَقّعات وتحليلات وتكهنات, بعضها لم يَخْلُ من «الرغائبية» السياسية, وغيره ممن اعتاش ويعتاش على المواجهات بين الاقطاب, علّها في تمنياتهم وقراءاتهم تُفضي الى تغييرات دراماتيكية وخصوصاً جيوسياسية, فشلوا رغم كل ما بذلوه من جهود (اقرأ ما حاكوه من مؤامرات) وما صرفوه من أموال وما نقلوه من اسلحة وذخائر ومرتزقة, ان يُحقِّقوا قسطاً من النجاح، بل هم منوا بخسائر فادحة وكادت انظمتهم المتصدعة ان تسقط ,وخصوصاً في تركيا التي يبدو ان «سلطانها» لم يتعلم, ويرفع عقيدته الان مُعلِناً راية المُشاركة في تحرير الموصل, بعد ان ايقن ان إبعاده عن هذه المشاركة سيكون الحلقة الاخيرة او ما قبلها, لِطيّ مشروعه الاستعماري التوسعي الذي يسمى «العثمانية الجديدة» وإسدال الستارة على فرصة ظن ان بامكانه اهتبالها، فإذا به يدفع اثمانها ويُضطَّر للقيام بِاستدارات لافتة, ما كان ليُقدِم عليها لو ان الرياح واتت اشرعة سفينته المُندفِعة بتسارع, للارتطام بصخرة الحقائق التاريخية والجغرافية التي واصل تَجاهُلَها.
ما علينا..
لم تُشفِ التصريحات التي ادلى بها اوباما بعد انتهاء ذلك «الاجتماع» لمجلس الامن القومي الاميركي, صدور الذين راهنوا على «ضربة» اميركية انتقامية, لطيران ومطارات «النظام» السوري، كما حاول هؤلاء الاحتفال مُسبَقاً، بل إن الرجل الذي يتهمونه بانه خَنَعَ وتراجع وجَبُن أمام بوتين, قال عشية لقاء لوزان «السوري»: ان الخيار في سوريا..»دبلوماسي». ونقطة في آخر السطر.
هذا لا يعني ان اميركا الامبريالية التي «نعرفها», قد تراجعت عن مشروعها واستراتيجيتها الراميين الإبقاء على قيادتها المنفردة للعالم، وسعيها (الذي لن ينجح بالمناسبة) لمنع بروز نظام دولي جديد متعدد الأقطاب, لا مكان فيها «استثنائياً لليانكي الاميركي» الذي تُقلِقه عملية الصعود المتدرج والسلمي لكل من الصين وروسيا, وإن كانت الاخيرة اضطُرّت تحت وطأة المسعى الاميركي الشرير لِمحاصرتها والمسّ بامنها القومي, والتحريض الاعلامي والتجسسي الذي لا يتوقف عليها, ودائما في زرع المزيد من القواعد العسكرية وفرق المشاة الخاصة والدرع الصاروخية على حدودها, واستمالة المزيد من دول اوروبا الشرقية للانضمام الى حلف شمال الاطلسي, والانخراط في تدبير انقلاب في دولة كأوكرانيا, يعلم «الغربِيون» انها ذات مكانة خاصة جداً في التاريخ (والثقافة) والأمن القومي الروسي لكنهما (المخابرات الاميركية وأجنحة اليمين الفاشي في اوكرانيا) أصرَّا على اطاحة الرئيس المنتخب يانوكوفيتش في شباط العام ,2014 ما ادى الى «انقلاب» حقيقي وخطير في العلاقات الروسِية مع كل من اوروبا الغربية واميركا, وما تزال أكلافه وأخطاره... ماثلة وقائمة.
ماذا عن الحرب العالمية... الثالثة؟
لم تكن المناورات البحرية الروسية الصينية التي انتهت للتو في بحر الصين الجنوبي (المنطقة الأخطر حالياً في العالم) مُجرد رسالة لواشنطن بانها غير قادرة على كتابة جدول الأعمال الدولي «وحدها» وتعريض المصالح المشروعة للدول، دون ثمن. فضلاً عن الرد الروسي والصيني «العنيف» مقارنة بالمقاربات الدبلوماسية التي تفترض الهدوء.. «النسبي»، على نشر منظومة صواريخ ثاد THAAD، في كوريا الجنوبية، سوى بعض تجليات هذا الغضب المُشترك الذي ابدته موسكو وبيجين, ازاء ما اعتبرتاه, تهديداً للأمن والاستقرار الاستراتيجي في تلك المنطقة، ناهيك عمّا كان اكده مؤخراً فيكتور بازنيخير، النائب الاول لرئيس ادارة العمليات الرئيسية لهيئة الاركان العامة الروسية: من ان الولايات المتحدة، تستعد وتُجهِّز لضربة «ساحقة»، مُستخدِمة عنصر «المفاجأة والصدمة»، والذي ــيُضيف ــ من المحتمل استخدامه لِردع روسيا والصين, في حال «اضطرت»... الى ذلك».
تصريح كهذا.. يُقال على خلفية نشر صواريخ «ثاد», لا يُطلق بسهولة ولا يشكل زلة لسان لمسؤول عسكري رفيع، لا بُد أنه اخذ «الإذن» من المستوى السياسي الأعلى, قبل ان يُعلِن عن تطور.. محتمل وخطير كهذا.
واذا ما اضفنا الى ذلك، ما سرّْبه موقع «ويكيليكس» من بريد (جون بوديستا).. الالكتروني، كرئيس للحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون (وهو كان مستشار الامن القومي الاميركي ايضاً) من ان هيلاري, إباّن توليها وزارة الخارجية قالت: «اننا نخطط لتطويق (الصين) بطوق من الدرع الصاروخية، ونُخطِّط لنشر (مزيد) من سفن اسطولنا في المنطقة، بل وعلى الاراضي الاميركية. إذ سيكون بامكان بيونغ يانغ (نظرياً) توجيه ضربة الى هاواي والى السواحل الغربية الاميركية».
كلام «السيدة» التي قد تصبح رئيساً للولايات المتحدة الاميركية, واضح ومُباشِر, ولم تقم حملتها او هي شخصياً, بنفي ما تم نشره يوم الخميس الماضي 13/10, ما يعني انها تقصد ما تقول, عندما اضافت في الوثيقة المسربة (... إن للولايات المتحدة عدداً «كبيراً» من آليات الضغط, وهي ستستخدِمها, على الرغم من ان ذلك «لا يروق «لكوريا الشمالية وروسيا... والصين).
حرب عالمية ثالثة في عهد اوباما غير مُرَجَّحة ان لم تكن مستحيلة، لكن احتمالاتها قد تكون اكثر من واردة في عهد خليفته ذات الحظوظ الآخذة في الارتفاع... هيلاري، عندها.. سنرى تَشدُّداً في ملفات عديدة, ليس فقط في سوريا (حتى لو حُسِمَت معركة تحرير حلب.. قبل وصولها) وانما ايضاً في بحر الصين الجنوبي (وليس في اوكرانيا), اذ ان معركة «هرمجدون» أو»ياجوج ومأجوج»في ثقافة أُخرى, الذي يُكثِر المُتزمِّتون الحديث عنها، قد تندلع..»هناك».
عن الرأي