القسم : ملفات ساخنة
نبض تيليجرام فيس بوك
نشر بتاريخ : 17/08/2025 توقيت عمان - القدس 8:26:57 PM
إعادة خدمة العلم: تعبئة داخلية.. وردّ بالردع على مشروع "إسرائيل الكبرى"!
إعادة خدمة العلم: تعبئة داخلية.. وردّ بالردع على مشروع "إسرائيل الكبرى"!

الحقيقة الدولية – عمان -  كتب المحرر السياسي

إعادة تفعيل خدمة العلم التي أعلن عنها سموّ ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله اليوم، ليست خطوة إدارية عابرة، بل إعلان سياسي أمني بامتياز، و"رسالة ردعية" محسوبة إلى تل أبيب، وإشارة "تعبئة داخلية" لرفع منسوب الجاهزية الوطنية، في لحظة يتحول فيها المشروع الاستيطاني الإسرائيلي من زحفٍ صامت إلى اندفاعٍ متهور معلن.

إعلان ولي العهد، الذي ضجت مواقع التواصل ووسائل الاعلام  بردود افعال تؤيده وتباركه، جاء مقتضبًا، تاركًا تفاصيل البرنامج للحكومة التي ستعلن عنه صباح يوم غد في مؤتمر صحفي خاص بمجلس الوزراء، لكن اتجاه القرار وحمولته واضحان: بناء قدرة بشرية منظمة قادرة على الدفاع والصدّ، وربط الشباب الأردني بالأمن الوطني لا كشعار بل كممارسة مؤسسية!

ولي العهد شدّد في حديثه على أن تهيئة الشباب ليكونوا جاهزين لخدمة الوطن والدفاع عنه تمثل أولوية وطنية، مؤكدًا أن كل من انخرط في خدمة العلم يعي أهمية التجربة في تعزيز الهوية الوطنية وصقل الشخصية والانضباط،

الحكومة من جانبها، وعبر رئيس الوزراء، أعلنت أن التنفيذ سيبدأ مطلع العام المقبل، وأن الموارد اللازمة ستُخصص من بند النفقات الطارئة لهذا العام ومن موازنة 2026، فيما سيتم إرسال التعديلات القانونية المطلوبة إلى البرلمان بصفة الاستعجال، كما أكد وزير الاتصال الحكومي أن البرنامج مشروع وطني يجري تطويره بتوجيه مباشر من جلالة الملك عبد الله الثاني وولي العهد، وأنه يستهدف إعداد المزيد من الشباب المنضبط والمرتبط بأرضه من خلال منظومة متكاملة تُعيد الروح إلى مفهوم الخدمة الوطنية.

المشهد الإقليمي، يفسر توقيت اعلان ولي العهد للقرار بالغ الأهمية، ففي الضفة الغربية، يدفع وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بمخططات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية التي تصل مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس وتفصل شمال الضفة عن جنوبها، ما يجهز فعليًا على أي تواصل جغرافي وأفق لدولة فلسطينية، ويعدم "حل الدولتين" ، وكذا، تصويت كنيست الاحتلال على قرار يدعو إلى ضم الضفة الغربية، وفوق ذلك، الاعلان الخطير من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي تبنى فيه رؤية تلمودية "إسرائيل الكبرى" التي تطمح بالسيطرة على اراض اردنية وعربية، الأمر الذي فجّر إدانات عربية رسمية، بينها أردنية، وذكّر الأردنيين بخريطة "إسرائيل" التي ضمّت الأردن في معرض بباريس عام 2023، الأمر الذي استدعى ردًا سياديًا عمليًا.

المنطقة تقف اليوم أمام مشروع توسعي معلن على مسارين متوازيين: هندسة الضفة الغربية ديموغرافيًا وجغرافيًا، وتسويق رواية سياسية تتجاوز خطوط وادي عربة وحدود 1967، وفي مثل هذه اللحظة التاريخية، لا تكفي البيانات الدبلوماسية، بل دفع الاردن إلى "رفع تكلفة" التهور الإسرائيلي عبر أدوات القوة الوطنية الشاملة، وفي مقدمتها الإنسان المدرّب المنضبط، المتحفز للدفاع عن تراب وطنه.

من هذه الزاوية، تشكل عودة خدمة العلم "خطوة ردعية" بالقدرة لا بالتصريحات، إذ يبني التجنيد المنظم احتياطًا بشريًا قابلًا للاستدعاء، ويزيد كلفة أي رهان على دفع أزمات الضفة أو غزة نحو الشرق، وجود كتلة بشرية مدربة وموزعة جغرافيًا ما يغير حسابات المغامرة لدى حكومة التطرف الصهيونية، في الوقت الذي تساهم فيه خدمة  العلم بـ"تعبئة مجتمعية" وتحفيز داخلي لتأهيل المهارات لدى الشباب، ويعيد تعريف المواطنة كمسؤولية لا كحالة انتظار لوظيفة حكومية.

كما أن اعادة خدمة العلم، تعزز  من أمن الحدود، وتهيئ البلاد للتعامل مع أنماط "الحروب الهجينة" التي لا تختزل في الدبابات، بل تشمل الطائرات المسيّرة الصغيرة، والاختراقات السيبرانية، والتهريب، وإدارة أزمات إنسانية مفاجئة الخ. لذا، فإن إدخال وحدات تدريب قصيرة ومكثفة في مجالات مثل مراقبة الحدود والمسيّرات، الإسعاف الميداني، والدفاع السيبراني، والإعلام الاستراتيجي يصبح ضرورة وطنية، لا ترفًا.

وبهذه الخطوة العملية الحاسمة، يوجه الأردن رسائل متعددة في وقت واحد: إلى الحلفاء، بأن عمّان تقوم بواجبها الدفاعي وتطلب بالمقابل ضغطًا جادًا على الكيان الاسرائيلي لوقف الضمّ والاستيطان، وإلى "تل أبيب "، بأن المملكة ليست ساحة تفريغ لنتاج مغامرات السياسات الإسرائيلية، ولن تكون، بل دولة ذات عصب اجتماعي، وقاعدة تعبئة، قادرة على رفع كلفة أي مغامرة، ورسالة إلى الداخل الأردني أيضاً، فإن ولي العهد التقط ملفًا يمسّ جوهر العقد الاجتماعي، من الأمن إلى الهوية والفرص، ويحوّله إلى برنامج عملي على الأرض، يعزز ثقة الشباب بدورهم وواجباتهم الوطنية السامية، ويحصن الجبهة الداخلية نحو الذروة، ويعيد بناء المجتمع الاردني القادر على مجابهة كل التحديات.

قرار إعادة خدمة العلم يعيد تعريف الرد الأردني على أخطر موجة ضم واستيطان وراديكالية سياسية في الكيان الإسرائيلي منذ عقود.

إنه رد سياسي بوسائل مؤسسية، يرفع القدرة الردعية، ويشد لحمة الداخل، ويؤطر مشاركة الشباب في أمن وطني لا يُختزل في الحدود فقط، بل يشمل الاقتصاد والمجتمع والمعلومة، وكلما صُمم البرنامج ونفذ وفق الرؤية الملكية السامية بحذافيرها، تحوّل من إعلان قوي، إلى معادلة أمن قومي، تُعيد رسم حسابات الخصم، وتشدّ عصب الدولة في لحظة اختبار تاريخي.

 

Sunday, August 17, 2025 - 8:26:57 PM
المزيد من اخبار القسم الاخباري

آخر الاضافات


أخبار منوعة
حوادث



>
جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2025