نشر بتاريخ :
14/08/2025
توقيت عمان - القدس
4:44:08 PM
خطابات توراتية من قادة الدم.. "إسرائيل الكبرى" تزحف والأردن في قلب العاصفة!
الحقيقة
الدولية – عمان - كتب المحرر السياسي
مصادقة رئيس
حزب الصهيونية الدينية، ووزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، على بناء
3,401 وحدة استيطانية في المنطقة E1 شرقي القدس المحتلة، تعني حرفياً فصل شمال الضفة الغربية عن
جنوبها، وقطع التواصل الجغرافي الفلسطيني بين القدس الشرقية وبقية الضفة، وتنفيذ
حكم الإعدام في "حل الدولتين"، وتحويل 30 عاماً من المفاوضات
والمعاهدات مع الكيان الخبيث إلى هشيم تذروه الرياح!
سموتريتش، الذي
أكد أن حكومة الاستيطان ستصادر آلاف الدونمات وتستثمر المليارات بهدف "إدخال
مليون مستوطن إلى الضفة الغربية"، يعي تماماً أن إدخال هذه الأعداد المهولة
من المستوطنين على أراضي الضفة الغربية يقابله – ديمغرافياً – إخراج الفلسطينيين
منها، ما يعني حرفياً تهجيرهم إلى الأردن، وهو أمر يشكل خطراً وجودياً على المملكة
التي لن تقف متفرجة كما يعتقد جنرالات الاحتلال وساسته.
قرار سموتريتش،
الذي طعّمه بخطاب تلمودي حين قال: "الضفة الغربية جزء من إسرائيل بوعد
إلهي"، تزامن في اليوم نفسه مع تصريحات خطيرة لوزير خارجية الكيان، جدعون
ساعر، الذي وصف حل الدولتين بـ "وهم الدولتين"، واعتبر أن الاعتراف
بدولة فلسطينية سيكون انتحارًا للكيان، كما جاء تصريحيهما، عقب ساعات فقط من تصريحات توراتية أشد خطورة
أدلى بها شريكهما في حكومة الدم، بنيامين نتنياهو، وأعلن فيها صراحة طموحه بإقامة
دولة "إسرائيل الكبرى" على الأراضي الأردنية والسورية واللبنانية
والمصرية، إضافة للفلسطينية.
كل هذا يأتي بعد
نحو شهر من إقرار كنيست الاحتلال قانونًا يقضي بضم الضفة الغربية، ويترافق مع
موافقة حكومة الاحتلال المصغرة (الكابينت) على خطة إعادة احتلال مدينة غزة، ما
يؤكد أن الاحتلال ماضٍ في تنفيذ خطة اليوم "التالي بعد غزة" – إن استطاع
ذلك – بترسيخ حلمه التوراتي في إقامة دولته المزعومة "من النيل إلى
الفرات"، دون أن يرمش له جفن.
معالم حدود
"إسرائيل الكبرى" بدأت تتجسد فعلياً على الأرض، فالكيان الإسرائيلي
الذي يتوسع اليوم على غفلة من الأمة العربية، يحتل جنوب سوريا حتى بات على مقربة
من تخوم العاصمة دمشق، ويمضي على قدم وساق لتدشين "ممر داود" التلمودي، الذي يبدأ من شمال فلسطين المحتلة، مرورًا بالجولان وريف القنيطرة، فدرعا
والسويداء، وصولًا إلى "التنف" عند مثلث الحدود السورية -الأردنية- العراقية،
ثم شرق الفرات حتى الحدود التركية-العراقية، قبل أن يخترق محافظة الأنبار وصولًا
إلى كردستان العراق!
والكيان
الإسرائيلي، يحتل أيضاً الجنوب اللبناني، ويسرح ويمرح هناك بعد تحييد قوات
"حزب الله"، إضافة إلى بصمات أصابعه
- التي لم تعد خفية - في حروب السودان، وتغلغله في القطر العربي المفكك،
وعدوانه العسكري المستمر على اليمن، وتدمير ما تبقى من بنيته التحتية
والاستراتيجية، وتوغله السياسي والاستخباري في ليبيا، مما يمنحه وجوداً على حدود
مصر من جهتي السودان وليبيا، فضلًا عن التحكم بمياه النيل عبر نفوذه على سد النهضة
الإثيوبي الذي تخضع سيادة دولته لتل أبيب!
إذاً، ما يعتقده
العرب حلماً إسرائيلياً أو مزاعم تلموديه، يراه "الإسرائيليون" أمراً
واقعاً، ويمضون بتنفيذه على الأرض، دون صحوة عربية حقيقية تليق بحجم الخطر، وترقى
لمستوى الكارثة التي تحيق بهم، فيما تمضي دول عربية نحو فتح قنوات التطبيع مع
الكيان الإسرائيلي كأنها في كوكب آخر، وهي تراه يقتات صباح مساء، على دماء أطفال
ونساء غزة.
إن الخطب جلل،
والحدث القادم المهول الذي يُحضَّر له جهراً، لا يتطلب خطباً عصماء ولا مفردات
منمقة، بل وضع الأمور في نصابها الحقيقي..
فالأردن اليوم،
يقبع في عين العاصفة، ولم يعد هناك مجال للتراخي أو التغافل، والخشية لم تعد قائمة
من محاولات الكيان العبري (تهويد القدس) فقط، بل مما يمضي نحوه سموتريتش وبن غفير
وأمراء الحرب في الكيان، المدعومون بتشريع من الكنيست و"ضوء أخضر" من
التوراة، وحليفتهم الولايات المتحدة الأمريكية، وهو (تهويد الضفة الغربية) كلها،
أو بالأدق : (تهويد فلسطين) كاملة، من النهر إلى البحر!
هذا يعني بشكل
واحد وحيد ومباشر: تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن، وغزة إلى مصر. ويفرض أن
الكيان قد فتح بوابة صراع وجودي مع الأردن، ما يستدعي فوراً تعزيز بناء الصف
الداخلي، وتمتين الجبهة الداخلية سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وأمنيًا وشعبيًا،
قولاً لا فعلاً، وتنحية الاختلافات الداخلية، والسمو فوق التجاذبات، والتركيز على
المصلحة العليا للدولة الأردنية، والوقوف خلف القيادة، وسدّ كل ثغرة يمكن - لا
قدّر الله - أن ينفذ منها العدو.
ردّ وزير
الاتصال الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة على تصريحات رئيس وزراء الاحتلال،
كان ناريًا بامتياز، وحظي بأصداء شعبية مرحبة، إذ أكد أن نتنياهو إلى زوال، وأن
العدالة ستتحقق، واصفًا تصريحاته بأنها رعونة سياسية تكشف عزلة الاحتلال وأزماته
الداخلية، وشدد على أن أوهام "إسرائيل الكبرى" ستتحطم أمام صلابة
الأردنيين، وأن انتصار الحق الفلسطيني حتمي، مؤكدًا أن التاريخ علّمنا أنه ما دام
هناك طفل فلسطيني واحد متمسك بحقه، فلن يضيع هذا الحق أبدا.
أما ردود الفعاليات
الشعبية على تصريحات نتنياهو وقرار سموتريتش، لم تعدُ كونها خطابات سطحية، وبدت
وكأنها موجهة للرأي العام الداخلي الذي لا يحتاج من يحثه على الاستنفار إذا ما جدّ
الجد، وكان الأجدى أن يتم هندستها بطريقة سياسية عميقة، توصل رسائلها للعدو القابع
غرب النهر، بأن في الأردن 11 مليون مقاتل،
يرتدون أكفانهم، ويتعطشون لأخذ الثأر من سفلة التاريخ وتجار الدم، مع الاستعداد
الرسمي الفوري على الأرض، بإعادة خدمة العلم، وتشكيل وتدريب الجيش الشعبي، وتحويل
كل رجل وامرأة وشيخ وطفل أردني إلى مقاتل، يترقب ساعة الصفر، ليبلغ رجاه ومناه!